يستمر حاملو الشهادات من خريجي الجامعات ومؤسسات التعليم العالي في تصدّر قائمة الفئات العاطلة عن العمل في المغرب، إذ تصل نسبة البطالة في صفوفهم إلى 61.4 في المائة.
الارتفاع الكبير لنسبة البطالة في صفوف حاملي الشهادات، الذي تؤكده الأرقام الرسمية الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، يطرح علامات استفهام حول مدى قدرة الجامعة المغربية على تكوين كفاءات متوفرة على متطلبات سوق الشغل.
وإذا كانت نسبة كبيرة من خريجي الجامعات والمعاهد العليا ينتهي بها المطاف في عالم البطالة، بسبب عدم التوفر على المؤهلات التي تؤهلهم للاندماج في سوق الشغل، فإن نسبة مهمة من الخريجين يفضلون الهجرة إلى الخارج، بحثا عن مستقبل أفضل، ما يمثل “خسارة مضاعفة” للدولة.
هشام معروف، باحث في السياسات الاجتماعية، يرى أن “بطالة حاملي الشهادات مسألة مركبة، ففي وقت لم تقدر الجامعات ذات الاستقطاب المفتوح على توفير الكفاءات التي يتطلبها سوق الشغل فإن نسبة كبيرة من الخريجين الأكفاء يفضلون الهجرة إلى الخارج”.
وتطرح بطالة حاملي الشهادات مفارقة تتمثل في كون استمرار هذه المعضلة يقع في وقت يشهد المغرب دينامية تنموية، في إطار النموذج التنموي الجديد، تحتاج إلى من الكفاءات، من مهندسين وأطباء وتقنيين… لقيادتها.
واعتبر هشام معروف، في تصريح لهسبريس، أن “رهن الولوج إلى المعاد العليا المتخصصة بالحصول على معدل عال في الباكالوريا، واجتياز مباراة، يجعل أغلب المنتقلين من التعليم الثانوي إلى التعليم العالي يقصدون الجامعات ذات الاستقطاب المفتوح، التي تعتمد فقط على التلقين دون تمكين الطلبة من الميكانيزمات والمهارات التي يتطلبها سوق الشغل”، معتبرا أن هذا العامل يعدّ من أبرز أسباب انتشار البطالة في صفوف حاملي الشهادات.
وعموما فإن معدل البطالة يرتفع لدى الشباب المتراوحة أعمارهم بين 15 و24 سنة، بحوالي 32.7 في المائة، مقابل 11.8 في المائة كمعدل وطني إجمالي.
هذا المعطى تعترف به السلطة الوصية على التعليم العالي، إذ أكد عبد اللطيف ميراوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، في عرض أمام المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، قبل أسابيع، أن من الأسباب الرئيسية للبطالة في صفوف حاملي الشهادات الجامعية ضعف المهارات الذاتية، وكذلك الكفاءات اللغوية.
الضعف الذي يسِم إسهام المؤسسات الجامعية ذات الاستقطاب المفتوح في تزويد سوق الشغل بالكفاءات تعكسه أيضا الأرقام المتعلقة بنسبة التسرب الدراسي لدى الطلبة، التي تصل إلى 50 في المائة، في حين أن هناك طلبة يقضون ما بين أربع إلى خمس سنوات في سلك الإجازة، ولا تتعدى نسبة الذين يحصلون عليها في ثلاث سنوات 25 في المائة.
واعتبر هشام معروف أن “المغرب قطع خطوات مهمة”، وأن “هناك جرأة ملكية في الذهاب بعيدا في مسار التنمية، وأيضا جهود حكومية، لكن في الآن نفسه هناك عشوائية وتخبط وقرارات ارتجالية”، مضيفا: “نحتاج اليوم إلى تدابير استباقية من أجل توفير الكفاءات التي يطلبها سوق الشغل، وهذا يتطلب الاعتناء أكثر بما هو إستراتيجي في السياسات العمومية، وإعطاء الأولوية للعمل، عوض الاهتمام فقط بالجانب الروتيني الذي يهم الحياة العادية للمواطنين”.
المصدر: وكالات