عادت الأكياس البلاستيكية خلال الآونة الأخيرة لتغزو مجددا الأسواق ونقاط البيع بالتقسيط، بما يوحي بأنها لم تكن في ما سبق موضوع تدابير وطنية وإجراءات صارمة ضد مروجيها بهدف منع استعمالها نهائيا ودفع المواطنين إلى اعتماد البدائل التي جرى توفيرها، بما فيها أكياس الثوب والورق.
الشاهدُ هنا أن مناسباتٍ كشهر رمضان وعيد الأضحى، تشهد ارتفاعا في منسوب الاستهلاك، تعرف كذلك ارتفاعا في الاعتماد على الأكياس البلاستيكية رغم أن التشريعات المانعة لترويجها مازالت سارية المفعول، إذ كشفت مصادر مهنية أن هذه الأكياس تباع بالجملة بما يتراوح بين 20 و25 درهما للكيلوغرام، في حين تُباع أكياس الورق بما يتراوح بين 19 و20 درهما.
وفي إطار المساعي إلى “وقف التلوث البلاستيكي” دخل حيز التنفيذ منذ مدة القانون رقم 77.15 المتعلق بمنع الأكياس البلاستيكية، الذي نص على تغريم مخالفي هذا النص القانوني بما يتراوح بين 10 آلاف و500 ألف درهم، في حين تتراوح هذه الغرامات ما بين 200 ألف ومليون درهم عندما ما يتعلق الأمر بصنع هذه الأكياس؛ غير أن عودة هذه الأخيرة إلى التداول مجددا يسائل مجهودات ثماني سنوات تقريبا، في وقت يتحدث متتبعون عن وجودة “رِدَّةٍ” لعدم نجاعة البدائل حسبهم.
الطيب أيت أباه، تاجر بمدينة تمارة، أكد لهسبريس أن “الأكياس البلاستيكية التي يتم تداولها اليوم بالأسواق ليست صديقة للبيئة كما يتم الترويج له، فهي نفسها التي تم منعها منذ أزيد من 7 سنوات، وصدرت في شأنها تدابير مختلفة”، وزاد: “رغم كونها مُنعت في وقت سابق إلا أننا نرى أنها باتت اليوم تروج بشكل عادي”.
وأضاف أيت أباه أن “مشكل عدم نجاعة التدابير المتخذة يرجع أساسا إلى البدائل التي تم طرحها، ولا تفي بالغرض؛ فالأكياس الورقية يعتمدها البقال رغم كلفتها في حين أن المواطنين يفضلون دائما البلاستيك الذي يعيدون استغلاله مرة ثانية وثالثة”، مشيرا إلى أن “البلاستيك يظل جزءا لا يتجزأ من ثقافة التسوق لدى المغاربة واعتادوا عليه لعقود”.
وبيّن المتحدث ذاته أن “أصحاب المحلات التجارية اليوم يستخدمون الأكياس البلاستيكية باحتياط شديد، ومكرهين في الآن ذاته، إذ إن القانون المانع لاستخدامها مازال ساريا، وكل من ضبط سيؤدي غرامة تصل إلى 10 آلاف درهم، في وقت يتضح أن هناك تراخياً في القيام بالمراقبة الدورية من قبل المصالح المعينة، إذ إنها تحتاج إلى فرق كبيرة لتغطية الأسواق ونقاط البيع ككل”.
وعاد المهني ذاته ليلفت إلى أنه “إذا كان تجار القرب يقومون بإخفاء هذه الأكياس فإن الباعة المتجولين أو داخل الأسواق يقومون بعرضها علانية كأنها ليست محط منعٍ أو تشديد للمراقبة”، مبرزا أن “تجار القرب يلجؤون إليها بالنظر إلى كونها أقل كلفة من الأكياس البديلة وأكثر منها نجاعة”.
وخلافا لما أكده أيت أباه أورد رشيد فاسيح، ناشط في مجال البيئة، أن “الأكياس البلاستيكية المعتمدة خلال الوقت الراهن مناصرةٌ للبيئة وتحترم المعايير المعتمدة بخصوص مدة تحللها ونوعية البلاستيك الذي أنتجت منه، وهي في نهاية المطاف من البدائل التي قدمتها الحكومة بعد أن حظرت اعتماد البلاستيك منذ أزيد من 7 سنوات”.
ونفى فاسيح، مُصرّحاً لهسبريس، أنْ “تكون هناك ردّةٌ وتراجع عما جرى تحقيقه في السنوات الماضية في ما يتعلق بمحاربة الأكياس البلاستيكية غير القابلة للتحلل، إذ إن الدولة لا يمكنها التراجع عن تشريعات سنّتها في ما مضى، والتزامات دولية وقعت عليها منذ استضافتها مؤتمر الأطراف ‘كوب 22’ بمراكش”.
في مقابل ذلك أكد المتحدث ذاته وجود وحدات صناعية تشتغل خارج القانون وتنتج أكياسا بلاستيكية غير صديقة للبيئة ولا تحترم المعايير المنصوص عليها، “ما يبرز أهمية تجفيف هذه المنابع”، مردفا بأن “الإشكال الموجود حاليا يتعلق بإعادة التدوير، إذ نظل بالحاجة إلى مراكز متخصصة في هذه العملية، في وقت يمتد اعتماد البلاستيك إلى قطاعات الفلاحة ومراكز التلفيف والتعليب وعدد من الوحدات الصناعية”.
المصدر: وكالات