في تصريح أثار الكثير من التساؤلات، قال وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، إنه “يمكن اعتبار الجزائر الأكثر ميولا إلى الإسراع في إيجاد حل مع المغرب”.
وأضاف عطاف، الذي حلّ ضيفاً على إحدى حلقات برنامج “ذوو الشأن” للصحافية الجزائرية خديجة بن قنة على منصة “أثير” التابعة لقناة الجزيرة: “إن حلم بناء المغرب العربي لا يمكن أن يُقضى عليه، وأنا أنتظر اليوم الذي نعيد فيه بناءه، ودورنا ومسؤوليتنا تهييء أرضيته”.
هذه التصريحات فتحت الباب لمجموعة من التأويلات، وبينما ربطت المجلة الإسبانية “أتالايار” ما وصفته بـ”التغيير الذي يأمله الملايين من الجزائريين والمغاربة” بالزيارة الأخيرة لنائب مساعد وزير الخارجية جوشوا هاريس إلى الجزائر، اعتبر محللون أنها (التصريحات) “لا تتجاوز حدود البروباغاندا وتصدير المسؤولية عن تفكك الاتحاد المغاربي”.
أحمد نور الدين، متخصص في العلاقات المغربية الجزائرية، عضو المجلس المغربي للشؤون الخارجية، قال إن “أحمد عطاف يمارس، عبر هذه التصريحات التي ربطها بحلم الاتحاد المغاربي، التضليل والبروبغاندا”، مستحضراً وصف وزارة الخارجية الجزائرية، في أبريل الماضي، هذا الاتحاد بأنه “أصبح كيانا ميتا وغير موجود”، وتأكيد الأمين العام للاتحاد المغاربي، في بيان رسمي، أنّ “الجزائر توقفت عن دفع مستحقاتها لاتحاد المغرب العربي منذ 2016، وواصلت سحب ممثليها منه بشكل تدريجي، إلى أن سحبت آخرهم في 2022”.
وعدّد نور الدين، ضمن تصريح لهسبريس، مجموعة مما وصفها بـ”الأدلة على كذب وزير الخارجية الجزائري بشأن بحث نظام تبون عن حل مع المغرب وتحقيق حلم الاتحاد المغاربي”، أهمها “اعتبار الجزائر الوحيدة التي تنتهك ميثاق الاتحاد المغاربي الذي يُنصّص بشكل واضح في مادته 15 على امتناع كل دولة عن احتضان ‘أي نشاط أو تنظيم يمَسّ أمنَ أو حرمةَ تراب دولة أخرى في الاتحاد أو نظامَها السيّاسي’، في وقت تمول وتحتضن الميليشيات الانفصالية لما تسمى ‘البوليساريو’، وتدربها في مدارسها العسكرية، وتزودها بالأسلحة، وتنطلق العمليات الإرهابية المسلحة من أراضيها ضد المغرب”.
وزاد الخبير ذاته: “الجزائر هي الدولة المغاربية الوحيدة التي عرقلت كل مبادرات عقد القمة المغاربية، وآخرها كان سنة 2012 بمبادرة من الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، موازاة مع رفضها اليد الممدودة للمغرب، التي عبر عنها العاهل المغربي في أربعة خطابات رسمية منذ 2018؛ فضلا عن عرقلتها مشاركة العاهل المغربي في القمة العربية المنعقدة في الجزائر شهر نونبر2022، رغم إعلان المغرب رسمياً مشاركة جلالة الملك”.
كما ذكّر أحمد نور الدين في السياق ذاته بـ”رفض الجزائر كل المبادرات العربية والدولية للوساطة بين البلدين لحلّ الخلافات، ومنها الوساطة السعودية والإماراتية والكويتية والتركية والإسبانية والفرنسية وغيرها، بينما لم تتورع حتى عن استعمال الرياضة سلاحاً لزيادة منسوب الكراهية بين الشعبين، إذ منعت المنتخب الوطني المغربي للشبان من التوجه من المغرب نحو الجزائر بخط مباشر”.
من جانبه قال خالد شيات، أستاذ العلاقات الدولية بكلية الحقوق وجدة: “يبدو أن هذه إشارات إلى محاولات التكيف مع مجموعة من الضغوطات الممارسة على الجزائر من طرف جهات دولية، من خلال قراءتها لواقع دبلوماسيتها عبر العالم ومحيطها المباشر، كما هو الحال مع مالي على سبيل المثال”.
غير أن شيات عاد ليؤكد في حديثه لهسبريس أن “هذه التحركات لا تُستشف منها محاولات للتغيير”، موردا: “لا أعتقد أنه في نية الجزائر أن تتغير من أجل التصالح أو التقرب من المغرب وتغيير مواقفها بأي شكل من الأشكال”.
وشدّد الخبير ذاته على أن “هذه المحاولات التي تقوم بها الجزائر في هذا الصدد غير كافية”، مشيراً إلى أن “النظام السياسي في الجارة الشرقية يجد صعوبة حتى في التكيف، ويعطي انطباع بأنه حَسَنَ النية في التصريحات، في وقت يستمر في دعم الجبهة الانفصالية ومجموعة من الممارسات التي لا تمت بصلة إلى حسن الجوار”.
وخلص أستاذ العلاقات الدولية إلى أن “النظام الجزائري يحاول في الآونة الأخيرة، عبر تصريح وزير الخارجية الأخير، وتسليم جثمان الشاب المغربي المغدور برصاص حرس الحدود الجزائري بعد المماطل لنحو أربعة أشهر، تخفيف الضغوطات حتى يستعيد زمام المبادرة الدبلوماسية من جديد”.
المصدر: وكالات