قالت إكرام عدناني، أستاذة العلوم السياسية بجامعة ابن زهر بأكادير، إن دعم حقوق النساء “عاد بقوة في السنة الأخيرة تحديدا، تزامنا مع النقاش الدائر بسبب التعديلات المرتقبة على مدونة الأسرة، وهي المسألة التي أعطت دفعة قوية للحركات النسائية للتحرك من جديد واستحضار مطالب أخرى والدفاع عنها، كما تسبب في بروز الصراع من جديد بين المحافظين والحداثيين”.
وأضافت عدناني، وهي تحلل خلاصات تقرير الدورة الثامنة من البارومتر العربي – استطلاع الرأي العام بالمغرب 2024، أن “هناك مسألة أشار إليها التقرير تفيد بأن الرجال لا يثقون في القيادة السياسية للمرأة”، معتبرة الأمر “مسألة عادية جدا، بل وعالمية وليست حكرا على المغرب”.
وزادت الأستاذة ذاتها: “أتذكر جيدا الحملة الانتخابية الفرنسية للرئاسيات التي كانت بين سيغولين غوايال وساركوزي سنة 2007؛ وأستحضر كيف كان ساركوزي يلمح في خطاباته إلى أن القيادة السياسية ورئاسة الدولة من المهام الثقيلة، وأن الأمر يتعلق بدولة كبيرة، وبالتالي كان يلمح إلى أن المنافسة هي مجرد أنثى”.
وما تعتبره الأكاديمية ذاتها مثيراً هو أن “النساء أيضا لا يثقن في الأداء السياسي للمرأة، ولا في قيادتها ولا في قدرتها على اتخاذ القرارت المهمة والمصيرية داخل الدولة”، مؤكدة أنه “وفقا لهذه التصورات نادرا ما نجد النساء بمراكز القرار، وهذا يحيلنها على كون 3 أرباع المغاربة يعتبرون وجود المرأة في مراكز القرار والمناصب القيادية سيحسن أو سيعزز حقوق النساء أكثر، وأنهم سيؤيّدن النساء أكثر من الرجال”.
وقالت عدناني، ضمن تحليلاتها بحضور مدير التواصل السياسي بالبارومتر العربي، محمد أبو فلغة، الذي قدم بدوره عرضا يتضمن خلاصات التقرير خلال اللقاء، إن “هذه الفكرة تبدو منطقية أيضا؛ ولو أن الذكورية والصورة النمطية عن المرأة مرتبطة بالرجال والنساء على حد سواء”.
وتطرقت المتحدثة أيضا إلى مسألة الكوطا النسائية في البرلمان، التي عرفت نسبة تأييد من النساء بلغت 82 في المائة مقابل 75 في المائة من الرجال، معتبرة هذه النسب “مفاجئة”، لأن تقنية الكوطا “لم تحقق النتائج المرجوة منها”، وأوضحت: “بكل بساطة وباستحضار التجربة نجد أنه تم تخصيص 30 مقعداً سنة 2002 من أصل 325 للنساء في إطار اللائحة الوطنية، وهو ما مكن من ضمان وصول 30 امرأة إلى البرلمان، بالإضافة إلى 5 نساء فقط تمكن من الفوز بشروط المنافسة نفسها مع الرجال”.
وأوردت الأستاذة ذاتها: “في الانتخابات التشريعية الموالية لسنة 2007 تراجعت النسبة إلى 4 نساء فقط من خارج نظام الكوطا، أي وجود 34 امرأة بالبرلمان”، وأبرزت أن “دستور المغرب لسنة 2011 تضمن قانونا تنظيميا جديدا لمؤسسة البرلمان من خلال آلية تشريعية رفعت مستوى التمثيل النسائي إلى 60 مقعدا بدل 30، وهو ما مكن من ولوج 67 امرأة إلى القبّة، أي حوالي 17 في المائة من عدد المقاعد”.
ولفتت الجامعية والباحثة في العلوم السياسية إلى “كون المؤسسة التشريعية صادقت على قانون يتعلق بالمجالس المنتخبة يرفع تمثيلية النساء ضمن هذه المجالس من 12 في المائة إلى 27 في المائة”، وزادت: “خلال الانتخابات التشريعية لسنة 2016 ارتفعت تمثيلية النساء إلى 81 امرأة من أصل 395 في مجلس النواب، 60 منهن وصلن عن طريق اللائحة النسوية الوطنية و9 عبر اللوائح المحلية و12 عبر لائحة الشباب، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 4 في المائة”.
وذكرت عدناني أنه “في استحقاقات سنة 2021 تمكنت 95 امرأة من الوصول إلى قبة البرلمان من أصل 395 مقعدا، أي ما يمثل 24,3 في المائة من المقاعد، وهو ما يعني نجاح 5 نائبات فقط خارج تقنية الكوطا”، وزادت: “هي نتائج هزيلة جدا ومرتبطة بأمور عديدة جعلت من هذه التقنية عاجزة عن تحقيق الأهداف المرجوة منها؛ كما أنها تحولت إلى ريع يستفيد منه المقربون من الحزب والقيادة”.
وسجلت المحللة السياسية “عدم قدرة الأحزاب على تأهيل نساء قادرات على أداء سياسي جيد في أفق تغيير الصورة النمطية حول المرأة، فضلا عن وجود محسوبية في التعيينات، ووجود صراع في صفوف نساء الأحزاب للاستفادة من الكوطا بدل العمل على تطوير عملهن”.
وبالنسبة لتخصيص مناصب وزارية للنساء كحد أدنى اعتبرت المتحدثة أن هذه المسألة كانت محل نقاش منذ أن بدأ تعيين النساء في مناصب وزارية في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، مضيفة: “بقي الأمر متأرجحا مع توالي الحكومات بين تعيينات مهمة لهن أو وإقصاء شبه كلي، مثلما حدث في حكومة عبد الإله بنكيران الأولى، حيث كانت امرأة واحدة فقط وزيرة، وهي بسيمة الحقاوي”.
وعلى العموم، أوردت الأكاديمية، أنه “لطالما اعتبر التعيين الوزراي للنساء مجرد تأثيث للمشهد السياسي؛ خاصة أن الحقائب الوزارية المسندة لهن لا تشمل ما تعرف بوزارات السيادة”، وأردفت: “تريثنا إلى غاية حكومة عزيز أخنوش، حيث أسندت لأول مرة وزارة الاقتصاد والمالية لامرأة: نادية فتاح علوي”، مؤكدة أن “الحكومات تجد نفسها اليوم مجبرة على منح النساء مناصب وزارية منعا لاتهمامها بالإقصاء والتمييز، وحتى الاقتداء بتجارب سياسية أخرى مثل حكومة بيدرو سانشيز”.
وتحدثت الأستاذة بجامعة ابن زهر في كلمتها عن التحرش الجنسي، مسجلة أن “نسبة كبيرة من المستجوبين تعترف بوجود هذه الآفة على نطاق واسع، وخاصة في الشارع ثم أماكن العمل؛ فيما ورد أن التحرش من قبل أفراد الأسرة يظل قليلا جداً”، واعتبرت في ملاحظة لها اختارت أن تختم بها أن “التحرش لا يوضع على رأس أولوية اهتمامات الحركات الحقوقية النسائية”.
المصدر: وكالات