عدسةٌ مغربية تعبر القارات في معرض فوتوغرافي تستقبله المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، بمقرها بالرباط، تحضر فيه لقطات مُؤبدة من المغرب ودول آسيوية وأوروبية.
معرض عبد الله البوحاميدي، الذي تنظمه جمعية رباط الفتح للتنمية المستديمة، ينقلُ لزائره معيش الناس، وأثر تغير المجتمع وقوانينه وأعرافه في الفرد والفضاء العام.
وعبر زجاج ملون تمتلئ بضوئه سيدة، يظهر انعكاس المجتمع في الإنسان، ودفء الفرد بإرث المجموع، ومدى تأثر الكائن ببيئته.
وفي جهة “هناك” من المعرض يرى الزائر الكتاب الذي يفترش الأرض، وتتمسك جدارية قربه بأنه ذو أجنحة تطير بالقارئ، ولو أن جزءا من المجتمع غافل عنه، أو مستغفل فيه، فتشيح سيدة وابنُها النظر عن العناوين المفروشة، ولو أن العالم يتوارى خلف تلك الأغلفة.
وفي صورة أخرى يبدو فيها المغرب وإرث المغارب؛ في جلباب ينسجم لابسُه ونقوش الفضاء الذي أبدعه، كما يحضر اللباس المخزني وانتظارُه، وولاؤه، كما تبدو القبعة الغربية ظلا في حائط مغربي عتيق، محتملة قراءتين: أثرٌ عابر في عمران أصيل، أو عمق جديد معولم ولو اختلف المظهر الخارجي.
وفي الجانب البرتغالي تطلع فردي وجماعي، يعيشه أطفال وراشدون، اختير له اللونان الأبيض والأسود، تعميقا لأثر الصمت الموثق، وما اختار الفوتوغرافي قوله حول معيش هذه البقعة من العالم.
ومن اليومي الإسباني يحضر الإنسان في المجموع، جزءا منه، يتحد معه، يعيش به، في لحظة التحام عشائري، أو فرح طفولي، يعيد قصة ارتباط الإنسان بآخره، واختياره محدود الإرادة للقُرب والبعد من الآخرين، استجابة لانسجام منتظر في معيش الكائنات.
وفي فرنسا، يظهر بإحدى الصور ما ينطوي عليه الإنسان من عالم أكبر، وتبرز أيضا محدودية الإنسان في فضاء أوسع، وأعرق، وأبقى، كما تحضر في أخرى الحياة المعاصرة وأدواؤها: قربٌ وبعد في الوقت نفسه، مقاعد عمومية، تتجاور فيها أجساد الأفراد؛ في حين تبتعد الكيانات بين متحدث في هاتفه، وسابح فيه، وآكل، ومتأمل.
في صور فرنسا أيضا سعادة حاضرة في الغرابة، وفي التمسك بالعادات اليومية التي اعتُبرت، ذات نزوة إنسانية استهلاكية، متجاوزة، مثل قراءة هادئة لجريدة في مقهى صباحي.
وبين الصور الأوروبية تحضر قصة إرث الاستعمار والهجرة والمواطنة الجديدة والإسلام الأوروبي: محل بالقارة العجوز تطغى عربيته على حروفه اللاتينية، في مجتمع يستمر فيه مخاض شحناء المبادئ الإنسانية وإكراهات الهُوية والانتماء والتعريفات والتاريخ.
أما صور إيطاليا فذات دفء؛ تشبثٌ وجودي لطفل بأمه يمتد إلى العالم المادي، واستنادٌ على حائط عتيق يمكن أن يُقرأ استنادا على إرث ضارب في التاريخ، وعاه الناطق بلغته وحكمه أم لم يعه.
وفي صور النمسا توثيق لجزء مما يبشر به المجتمع المفتوح: فضاء عمومي يُحترم فيه التعبير عن الحب والوئام، كما يُتفهم أو يتغاضى فيه عن تعابير الشحناء في مجتمعات أخرى، وفرح نغمي يشارك في الشوارع، ويجد أثره في حياة العابرين.
المصدر: وكالات