الجمعة 22 دجنبر 2023 – 07:00
تحقيب جديد لعصور ما قبل التاريخ في شمال إفريقيا اقترحه عالم الآثار المغربي عبد الجليل بوزوكار في أحدث مؤتمرات منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”، المخصص لتكريم العالم الراحل إيف كوبانس، بناء على أحدث الاكتشافات الأثرية بالمغرب وعموم منطقة شمال القارة الإفريقية.
عبد الجليل بوزوكار، مدير المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالرباط وعضو اللجنة العلمية العالمية لمتحف أنثروبولوجيا ما قبل التاريخ بإمارة موناكو الأوروبية، قال، في تصريح لهسبريس، إن التحقيب المقترح للعصور الحجرية القديمة بشمال إفريقيا “قراءةٌ جديدة لتحقيب عصور ما قبل التاريخ بهذه المنطقة، تنبثق عن آخر ما تُوصّل إليه من نتائج علمية، وتُبنى بشكل كبير على المعطيات التي جاءتنا من المغرب منذ تسعينيات القرن الماضي، بعد ما شهده من كثافة في البرامج والأبحاث الأثرية كمّا ونوعا”.
وتابع بوزوكار: “تهدف هذه القراءة إلى حصر التاريخ الكرونولوجي للعصور، والشواهد المادية التي أنتجها مختلف الأقوام والمجموعات البشرية المتعاقبة على المغرب وشمال إفريقيا؛ فقد حان الوقت، بدون شوفينية، للتخلي عن تقسيمات ورثناها من فترة وجود الحماية أو الاستعمار. ويمكننا، اليوم، أن نتحدث عن مدرسة شمال إفريقية، ومغربية بالتحديد”.
وواصل عالم الآثار المغربي شارحا: “التقسيمات التي كانت مشابهة قليلا لما يجري بأوروبا كانت تقدم شمال إفريقيا وكأنها مجرّد امتداد لما في أوروبا وأجزاء من الشرق الأوسط؛ لكن لنا الآن تقسيم أكثر إفريقية ومحلية، بناء على ما اكتشف أثريا من أثره الأكبر في فترات، مثل فترة ما بين 300 ألف سنة إلى 145 ألف سنة، التي كانت فترة زخم؛ وهو زخم أثّر في محيط إفريقيا كاملة وأجزاء كبيرة من الشرق الأوسط”.
وزاد المتحدث ذاته: “الفترة الموالية، أي ما بعد 145 ألف سنة، كثُرت فيه الاكتشافات الموثّقة والمحددة في الزمن الكرونولوجي؛ ومنها مثلا الحلي، التي تثبت لنا أنه ليس لنا هنا فقط أقدم إنسان عاقل (جسدا)، بل أقدم إنسان عاقل ثقافيا أيضا، لأنه ترسّخ هنا وبدأ ينتشر في القارات، وبالتالي حتى إنتاجه (المادي) له تأثير فاق حدود القارة”.
ومن أهم الفترات التي ينبغي أن يطالها التدقيق، وفق المصرح، “الفترة ما بعد 22 ألف سنة، التي عرفت حضارة حُدّدت في الفترة الكولونيالية.. ولنلاحظ الاسم الذي سُمِّيَت به: “الإيبيرو-موريسية”؛ فهو يستبطن تأثيرا إيبيريا على المور المحليين.. ونحن الآن بصدد تنظيم مؤتمر لإعادة التسمية، لا لهذه الفترة فقط بل تغيير تسمية العديد من المصطلحات؛ لأن لها حمولات كبيرة”.
وزاد عالم الآثار المغربي: “هذه الفترة ما بعد 22 ألف سنة عرفت بشمال إفريقيا أقدم عملية جراحية في العالم، وأقدم آثار استقرار، أي اختيار الإنسان نمط العيش المستقر وتخليه تدريجيا عن نمط الترحال”، مشددا على أن “مثل هذه الاكتشافات وفرت معطيات ووقائع تاريخية تخالف ما كان معروفا في السابق عن المركز المؤثِّر في فترة من الفترات والمناطق المتأثّرة؛ مما يتطلب إعادة النظر في التحقيب المحكوم بمعطيات سابقة”.
المصدر: وكالات