في ظل الانتقال نحو الطاقات المتجددة والحسم مع استعمال الطّاقات الأحفوريّة، يقترب المغرب من حسم الصفقة المتعلقة بمحطة “نور ميدلت 2″، بحيث من المتوقع أن يتم الإعلان قريباً عن الشّركة المؤهّلة لتهيئة المشروع، وخصوصاً أنّ الوكالة المغربية للطاقة المستدامة (مازن) أفادت قبل أسبوعين بأنّ ستة تحالفات من الشركات تأهلت للمنافسة على بناء محطة “نور ميدلت 2” للطاقة الشمسية بقدرة 400 ميغاوات في جبال أطلس.
وحسب العديد من الخبراء، فإنّ هذه المحطة ستكون إضافة نوعية لمجال الطاقة المغربي، لكون هذه السيرورة التي انخرط فيها المغرب تعكس نظرة جدية لإنهاء العمل بالطاقات الأحفورية، نظرا لما للأخيرة من انعكاسات بيئية وصحية كبيرة وكثيرة ساهمت في بروز العديد من الأمراض والمشاكل الاجتماعية في مناطق مختلفة بالعالم. ومن ثمّ، بدا أنه لا حلّ لهذا الإشكال سوى فتح باب الانتقال نحو طاقة بديلة ومستجدة، سواء كانت شمسية أو ريحية، أو متعلقة بالهيدروجين.
من بَنات الرّيادة
محمد السحايمي، خبير في الشأن الطاقي والمناخي، اعتبر أنّ وصول محطة “نور ميدلت 2” إلى هذه المراحل، “دلالة على ترسيخ مشروع التنوع الطاقي النظيف بالمملكة، وكذلك تنويع وتوزيع هذه المشاريع الإنتاجية للطاقة على جهات المملكة حسب الجغرافيا والمميزات البيئية لكل جهة”، مفيدا بأنّ “جهة درعة تافيلالت عبر هذا المشروع ستستفيد من طقسها وجغرافيتها وتنتج طاقتها المحلية والوطنية عبر محطتي نور ميدلت 1 و2، خصوصا أن الثّانية تتميز تقنيّا بقدرتها الكبيرة للتخزين الحراري تمتد ما بين 3 و7 ساعات، لتشكل بذلك أبرز مشاريع التّخزين الكهربائيّ بالمغرب”.
وأبرز السحايمي، وهو يتحدث إلى هسبريس، أنّ “محطة نور ميدلت 2 للطاقة الشمسية تمثل بوابة ضمن مداخل الريادة التي تتجه نحو استخدام تقني جديد للإنتاج الطاقي النظيف، ويكفي أن تكون نور ميدلت أول مشروع محطة هجينة متطورة للطاقة الشمسية في العالم تستخدم مزيجاً من الطاقة الشمسية الكهروضوئية والطاقة الشمسية المركزة”، موضحا أنّ “الجديد في الأمر هو إمكانية الاستفادة من الطاقة الشمسية خلال النهار وحتى بعد خمس ساعات من غروب الشمس”.
وختم المتحدث بأن “مشروع الانتقال الطاقي النظيف مازال يخطو نحو إنتاج طاقي محلي بنسبة 52 بالمئة في أفق 2030، وهو رهان كبير واستراتيجي، ستساهم محطة نور ميدلت 2 في دعمه وتكريس أسسه، باعتبار ذلك استكمالاً لهذه النهضة الطاقية المحلية”، مشيرا إلى أنّ “تشغيل هذه المحطة قريبا سيكون خطوة ضمن الطموح الأكبر، الذي هو القضاء تماماً على الإنتاج الطاقي بواسطة الفحم الحجري، وخاصة في الحزام الممتد بين القنيطرة وآسفي عبر الرباط والمحمدية والدار البيضاء”.
الطريق نحو الهيدروجين
من جهته، قال رشيد فاسح، باحث في المناخ والتنمية المستدامة، إنّ “هذا الورش الاستراتيجي يدخل في إطار مشاريع التنمية المستدامة ومكافحة الاحترار الكوني والتغيرات المناخية، ويعكس أيضا دعوة الملك محمد السادس الأخيرة لتسريع تنزيل مختلف الأوراش المتعلقة بإنتاج الهيدروجين الأخضر”، لافتا إلى أن “المغرب يسعى دائما إلى استثمار الإمكانات الطبيعية، لا سيما في ظل توفر مناطق مشمسة ومناطق ريحية، من أجل الاستثمار في مجال الطاقات النظيفة والطاقات المتجددة، التي تعتبر عناصر أساسية لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وهذا هو المعطى الجديد الذي أصبح المغرب رائداً فيه ويحتلّ المرتبة الرابعة عالميّا”.
وذكر فاسح أنّ “إنتاج الهيدروجين الأخضر يجب أن ينبعث بطبيعة الحال من الطّاقات المتجدّدة غير الملوّثة وغير الأحفورية”، موضحا أنّ “هذه المحطّة ستساعد المغرب في تصوره لخفض الفاتورة الطاقيّة، التي ترهق ميزانيّة الدّولة، وتنهك الاستثمار والتّنمية بصفة عامّة. ولذلك، من شأن الاستثمار بمجال الطاقة المتجددة أن يمكن المغرب من ولوج منظومة الدول التي ستعتمد الطّاقات النظيفة في اقتصاداتها، وكذلك باعتباره بلداً له جدية ومصداقية ضمن المجهودات العالمية التي جاءت عقب مؤتمر الأطراف بباريس Cop21 ومؤتمر مراكش Cop22”.
وسجل المتحدث أنّ “محطة نور ميدلت2 محطة مهمة كذلك في إطار التنوع الجغرافي، لأن المنطقة تعرف مناخا شبه صحراوي وجافا وفيها موارد مائية جوفية وسطحية، ومن شأن هذا أن يساهم في لا مركزية هذه المشاريع الخاصة بالطاقات النظيفة”، مردفاً بأنّ “اختيار المنطقة يخضع بدوره إلى مجموعة من الاعتبارات، علمية ودقيقة، فيها ما هو جيو-فيزيائي وما هو مناخي، وفيها كذلك ما هو أمني واستراتيجي، وهذا ما يجعل من المناطق الجنوبية الشّرقية للمغرب الأكثر مردوديّة والأكثر ملاءمة لهذا النّوع من المشاريع”.
المصدر: وكالات