انتقدت شعب التاريخ بالمغرب تصور وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار لتجديد المسالك، بما فيها سلك الإجازة، في تخصص التاريخ، قائلة إنه “يعتريها خلل أساسي، باقتراحها وحدات تقترب من التاريخ ولا تنفذ إليه، وتغيّب الكفايات المعرفية، والمنهجية، والبحثية”.
ورفضت الشُّعَب، بعد اجتماع رؤسائها وطنيا، مقترح “الجذع الوطني المشترك لمسلك التاريخ والحضارة”، مبررة الأمر بـ”ما يعتريه من اختلالات، وعدم اعتماده المقاربة الشمولية في إعداد المقترح (معارف/مناهج) من ناحية، كما أن الرغبة في الإصلاح لا يواكبها توفير شروط نجاح هذا الإصلاح، وعلى رأسها تعزيز هيئة التدريس بأساتذة في التاريخ من ناحية أخرى”.
وشهد اجتماع رؤساء شعب التاريخ المغربية رفضَ “المنهجية التي تعتمدها الوزارة في تنزيل الإصلاح، بإقصاء الفاعلين الأساسيين في المنظومة الجامعية، وهم الأساتذة الباحثون، والهياكل التمثيلية الخاصة بهم، ومن بينها “شعبة التاريخ”.
ووسمت شعب تاريخ الجامعات المغربية مقترح الإصلاح بـ”طابع الاستعجال والتسرع في عملية التنزيل، والضبابية وعدم الوضوح في الرؤية والتصور”، منتقدة “عدم إشراك شعب التاريخ في صياغة المقترح المقدم”، كما قالت إن المقترح “غير متوازن من حيث هندسته البيداغوجية. إضافة إلى غياب ديباجة أو أرضية توضيحية لمعرفة سياقاته، وأسباب اختيار وحدات دون أخرى، خصوصا أن الوحدات المُدرّسة اليوم تغطي تاريخ المغرب ومسار بناء الدولة المغربية وتطور مؤسساتها من جهة، والمراحل الكبرى للتاريخ العالمي بالتركيز على العوالم الأقرب إلى المغرب؛ شمال إفريقيا، وإفريقيا جنوب الصحراء، وأوروبا، وآسيا، وأمريكا، من جهة أخرى”.
ومع تشبت الشُّعب في اجتماعها بـ”دعم وتثمين كل عملية إصلاح بيداغوجي يروم الارتقاء بالجامعة المغربية، وإعطاء العلوم الإنسانية والاجتماعية المكانة التي تستحق، وتشجيع التميز العلمي، وتمكين الطالب من اكتساب مهارات ومعارف تساعده على الاندماج في محيطه السوسيو-اقتصادي”، إلا أنها سجلت عدم تقييم النظام الحالي “للكشف عن أعطابه وتثمين إيجابياته”، وأضافت أن “الهندسة المقترحة لوحدات الجذع المشترك الوطني تسير في اتجاه تقليص الوحدات المعرفية من 36 وحدة إلى 30 وحدة معرفية، تُخصص منها وحدتان ممهننتان في الفصلين الخامس والسادس، على أن يتم تحديد محتواهما بتنسيق مع فاعلين من المحيط الاقتصادي والاجتماعي، إضافة إلى ست وحدات في مهارات القوة، وست وحدات أخرى في اللغات الأجنبية.”
وطرحت الشُّعب سؤال “ماهية وحدات التخصص التي سيتم حذفها، ومدى تأثير هذا التقليص على البرنامج العام لمسلك التاريخ والحضارة، خصوصا في الفصلين الأول والثاني، اللذين تم الاقتصار فيهما على وحدتين في كل منهما للتاريخ، وبقية الوحدات عبارة عن مداخل لدراسة وحدات معرفية تنتمي لشعب أخرى، بحيث إن وحدات التاريخ لا تمثل سوى 4/14 من مجموع المواد، بنسبة 28.57 في المائة فقط”.
وواصلت الشُّعب: “بالمنطق نفسه، فإن تغييب {المشروع المؤطر} سيؤثر سلبا على تكوين الطالب في الجانب المعرفي والمنهجي، المرتبط بجمع المادة المصدرية والمرجعية والوثائقية، وتصنيفها ودراستها وتحليلها وتركيبها، لإنجاز {بحث} هو مقدمة ولبنة أساسية وأولية بالنسبة لدارس التاريخ في إعداد مشاريع بحثية مستقبلية من ماستر ودكتوراه”.
وذكرت شُعب التاريخ أن “اعتماد أربع وحدات للتخصص، وعشر وحدات خارجه في السنة الأولى، ينبني على مقاربة إيجاد جسور تمكن الطالب من الحركية وإعادة التوجيه بين التخصصات نظريا، لكنها تُفقِد شعب التاريخ هويتها عمَليا”.
ثم علقت بأن “الانفتاح على علوم أخرى مسألة محمودة، لكن يجب أن يستند إلى قاعدة الوظيفية والارتباط بالتاريخ فكرا ومنهجا”، كما أن مضمون المقترح لا يعبّر عن “مقاصد شعبة التاريخ”؛ فـ”اعتماد أربعة مداخل، متنافرة المضامين، لأربع حقب تاريخية خلال الفصلين الأول والثاني، لا يستند إلى مبررات علمية. في المقابل، تم تغييب وحدات أساسية”، علما أن “التدرج يقتضي في المعرفة التاريخية أن يدرسها الطالب خلال السنتين الأوليين، وهي: الحضارات القديمة، تاريخ الإسلام، أوروبا الوسيطية، الغرب الإسلامي”.
المصدر: وكالات