اعتبرت شغيلة قطاع الإنعاش الوطني أن الدخول السياسي ونقاشات مشروع مالية 2024 لم “يأتيان بجديد من حيث طرح إشكالات “خدام الوطن المنسيين”؛ فقد كانت الأولوية، ككل دخول سياسي جديد، لمجموعة من الملفات التي تدرس على المدى البعيد”، و”ظل ملف الإنعاش الوطني ولا يزال ضمن الملفات العالقة التي يُمنع الاقتراب منها وتظل شغيلته من أكثر الفئات المتضررة”.
وأضافت الجهة ذاتها، في تصريح لهسبريس، أنه “رغم السنة الجديدة وعدم طرح الإشكال حتى الآن، ورغم خيبات الأمل والتجاهل الذي أحاط بهذا الملف، فإن عمال الإنعاش الوطني ما زالوا يرجون الإنصاف ويتوسمون الخير والعدل لصالح هذه الشريحة العريضة من التي لا تطالب بالمستحل؛ بل بحق مشروع: أجرة محترمة تجاري كل هذه المتغيرات الحياتية والتحولات الاقتصادية القاسية وضمان تغطية صحية وتقاعد يحمي هؤلاء في نهايات أعمارهم”.
وأوردت “الشغيلة الإنعاشية”، في الصدد ذاته، أن “قطاع الانعاش الوطني لا هو يشتغل في شركات أو مقاولات كي يطبق عليه SMIG، ولا هو يشتغل بضيعات فلاحية كي يطبق عليه SMAG”، معتبرة أن “عمال وموظفي هذا القطاع يشتغلون داخل وخارج الإدارات المغربية وبشكل دائم لسنوات.. وهذا يعني أنهم تابعون بشكل مباشر للقطاع العام”.
سميرة النفيلي، مقررة المكتب الوطني للنقابة الوطنية لعمال وعاملات الإنعاش الوطني، قالت، في تصريح لهسبريس، إن “عاملات وعمال قطاع الإنعاش الوطني، باعتبارهم يشتغلون في إدارات ومؤسسات عمومية لعقود طويلة، فهم ليسوا “موسميين”، كما تقول وزارة الداخلية كلما أثير هذا النقاش. ولذلك، من الناحية المبدئية، يجب أن يطبق عليهم الحد الأدنى للأجور في القطاع العام، الذي يبلغ 3000 درهم وبمقتضى الزيادة الأجر التي صادقت عليها الحكومة سيصبح 3120 درهما”.
في السياق نفسه، أضافت النفيلي: “بما أن هذه الفئة مدرجة ضمن الحد الأدنى للأجور في القطاع الفلاحي، فستصبح أجرتها 88.58 درهما لليوم، ما معناه أن الصعوبة المادية ما زالت مطروحة؛ وهناك من لم يصل حتى إلى 1500 درهم للشهر رغم الزيادة الهزيلة”، وزادت: 2000 درهم التي يتقاضاها الكثيرون في القطاع لن تستطيع الصمود أمام هذه الزيادات الصاروخية والأزمة الاقتصادية وفي مغرب 2023، خصوصا أن العديد من العاملين لديهم عائلات”.
وطالبت المتحدثة عينها بضرورة “تفكير وزارة الداخلية بشكل عاجل وفوري لتسوية وضعية هذه الفئة، التي يعتبر أصحابها موظفين عموميين؛ لكن بشكل غير معلن”، مؤكدة أن “حكومات كثيرة توالت وحقائب وزارية تعاقبت ومسؤولين تغيروا؛ لكن القطاع ظل على حاله وبقي رهين الماضي، من حيث إن نظامه ما زال يرتكز على قانون صادر من أيام الاستعمار، أي SMAG (Salaire minimum agricole garanti) دون أيّ جديد أو إدراج في الوظيفة العمومية”.
وشددت الفاعلة النقابية على أن “هذا يعني أن عمالا وموظفين تابعين للإدارات المغربية يشتغلون في مصالح إدارية ومرافق عمومية يطبق عليهم نظام أجر القطاع الفلاحي ويصرح دائما بأنهم موسميون وتنتفي عنهم صفة الديمومة، مع العلم أن أقلهم عملا اشتغل لمدة 10 سنوات متتالية دون انقطاع وأكثرهم يشتغل لمدة 45 سنة متتالية دون انقطاع، فكيف يعتبر هؤلاء “موسميون”، رغم وجود العديد منهم يشتغلون داخل أروقة وزارة الداخلية نفسها؟”.
وأكدت أن “الشغيلة الإنعاشية لم يعد لها صبر على الانتظار؛ لأن حياة هؤلاء العمال والموظفين وعائلاتهم على المحك. لم يعد هناك عمر لمشاورات الحوار الاجتماعي، فالقطاع ظل حبيس رفوف أرشيفات الداخلية لسنوات وغالبية عماله وموظفيه ابتدؤوا العمل في سن العشرينيات، يعني لو ضاع عمرهم فقد ضاع في الإدارات المغربية”، موضحة أنهم “بعد كل سنوات العمل سيكونون محرومين حتى من التقاعد؛ ما يكرس هشاشة الفئة أثناء العمل وبعد التقاعد”.
وعلى الرغم من أن عمال وعاملات الإنعاش الوطني نظموا العديد من الوقفات الاحتجاجية أمام البرلمان المغربي، مطالبين بحل لوضعيتهم، فإن وزارة الداخلية لم تتفاعل إيجابا مع مطالبهم، خصوصا مطلب “الإدماج في الوظيفة العمومية”، إذ أعادت الداخلية قبل شهور فقط التذكير بأن هؤلاء العمال في القطاع ليسوا في وضعية نظامية قارة يمكن اعتمادها كمعيار لإدماجهم؛ وهو الأمر الذي ترفضه شغيلة الإنعاش الوطني حتى اليوم.
لكن، وحسب ما أوضحه عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، في جوابه عن سؤال للفريق الاشتراكي بمجلس النواب، أن “الظهير الشريف رقم 1.61.205 لم ينص في الأصل على إمكانية أو وجوب إدماج وتوظيف المشتغلين بهذا القطاع في سلك الوظيفة العمومية”، مشيرا إلى أن الفلسفة التي أحدث بها الإنعاش الوطني ترمي إلى “محاربة البطالة من خلال فتح أوراش موسمية للشغل تنتهي مباشرة بانتهاء البرامج المخصصة لها”.
وأضاف المسؤول الحكومي ذاته: “ولاعتبار جميع الأشخاص، سواء المشتغلين بالأوراش أو المشتغلين بالإدارة العمومية، ومهما كانت طبيعة اشتغالهم يبقون مجرد عمال أوراش من الناحية القانونية”؛ وهذا المبرر الذي تسوقه الداخلية دائما كلما أثير النقاش، ترفضه الشغيلة الإنعاشية وتعتبر أن “كل وقت مر دون معالجة هذا الملف وتسويته هو تعميق لمشكل فئة عريضة من العاملين والعاملات في المجال، مع أن الأمل دائما قائم بأن هذا الإشكال المعقد سيجد طريقه إلى الحل يوما ما”، وفق عمال وعاملات الإنعاش الوطني.
المصدر: وكالات