عرف تأسيسُ جمعيات المجتمع المدني بالمغرب خلال العقد الأخير طفرة كبيرة، حيث يناهز عددها حاليا 268 ألف جمعية، تشتغل في مختلف المجالات؛ غير أن عدد الجمعيات التي تتمتع بصفة المنفعة العامة لا يتعدى 244 جمعية.
وتخوّل صفة “المنفعة العامة” للجمعيات المعترف من طرف الحكومة لها بهذا الامتياز، دون سواها من الجمعيات، تلقّي الهبَات والوصايا وفق الشروط المحددة في الظهير المتعلق بحق تأسيس الجمعيات الصادر سنة 1958.
وبإمكان الجمعيات المعترف لها بصفة المنفعة العامة التماس الإحسان العمومي بكيفية تلقائية مرة كل سنة، شريطة تقديم مجرد تصريح مسبق إلى الأمانة العامة للحكومة، وأن يكون منصوصا على ذلك في المرسوم الذي يخوّل للجمعية صفة المنفعة العامة.
ويخول اعتراف الحكومة للجمعيات بصفة المنفعة العامة أيضا استفادة الأشخاص الذين يتبرعون لفائدتها بهبات من خصم مبالغ هذه الهبات من الناتج الصافي الذي يحققونه أو من مدخولهم الإجمالي الخاضع للضريبة.
وحسب المعطيات التي قدمها محمد الحجوي، الأمين العام للحكومة، أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس المستشارين بمناسبة تقديم الميزانية الفرعية للأمانة العامة للحكومة، فإن عدد الجمعيات التي حصلت على صفة المنفعة العامة خلال السنة الجارية لم يتعدّ 4 جمعيات.
محمد بنلعيدي، رئيس “شبكة الجمعيات الدكالية غير الحكومية”، يُرجع سببَ قلة عدد جمعيات المجتمع المدني المتمتعة بصفة المنفعة العامة إلى “المساطر والشروط المعقّدة” التي تتطلبها الاستفادة من هذا “الامتياز”.
ومن بين الشروط التي ينبغي أن تتوفر في الجمعيات الراغبة في الحصول على صفة المنفعة العامة، علاوة على تلك المتعلقة بالجوانب القانونية في ما يتعلق بالتأسيس والتدبير، أن تتوافر لديها الموارد المالية التي تمكّنها من إنجاز المهام المحددة في نظامها الأساسي، لا سيما منها تلك التي تروم تحقيق مصلحة عامة أو الإسهام في تحقيقها…
واعتبر بنلعيدي، في تصريح لهسبريس، أن هناك جمعيات مؤهلة للحصول على صفة المنفعة العامة؛ ولكنها لا تتمتع بصفة المنفعة العامة، لافتا إلى أن عدد الجمعيات التي تتمتع بصفة المنفعة العامة لم يتغير منذ حوالي عشر سنوات.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن الحكومة عليها ألا تكتفي فقط بسرد عدد الجمعيات الموجودة، بل أن تقدم معطيات مفصّلة؛ من قبيل عدد الجمعيات القانونية، وعدد الجمعيات النشيطة، وعدد الجمعيات التي قدمت طلبات الاستفادة من صفة المنفعة العامة، وتقديم أسباب رفض الطلبات المرفوضة.
من جهته، أرجع عادل تشكيطو، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، سبب قلّة الجمعيات الحاصلة على صفة المنفعة العامة إلى “الشروط الصعبة” التي حددتها الحكومة لمنح هذا الامتياز.
وقال الفاعل الحقوقي ذاته، في تصريح لهسبريس، إن توافر شروط الاستفادة من صفة المنفعة العامة يقتضي أن تتوفر الجمعية على إمكانيات مالية وعلى موارد بشرية كافية قصد الوفاء بالتزاماتها؛ وهو ما لا تتوفر عليه أغلبية الجمعيات، مضيفا: “الوفاء بالالتزامات يقتضي أن تتوفّر الجمعية على طاقم إداري متكامل، أي على موظفين يحصلون على أجر قار ومصرح بهم في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي… والحال أن أغلب العاملين مع الجمعيات هم أشخاص متطوعون”.
المصدر: وكالات
