على مدى يومين، تستمر أشغال وفعاليات النسخة الثالثة للمؤتمر السنوي لـ”شبكة البحث التابعة للبنوك المركزية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا” المنعقد بالرباط، متناولا بالنقاش والتحليل عبر جلسات وأوراق بحثية من مختلف بلدان المنطقة موضوع “أسواق العمل والتحول البنيوي”.
وبينما قدم عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، مرافعة قوية بشأن “مزيد من الاستثمار في إنتاج البيانات المتعلقة بالشغل وحركية أسواقه، بالعمل على تحسين نوعيتها ومدى دقتها، ولا سيما زيادة إمكانيات الولوج إلى البيانات”؛ ما يسمح لصناع السياسات العمومية بـ”الاسترشاد بنتائج البحوث الجيدة، وتلبية أفضل لتوقعات السكان من حيث توفير فرص العمل اللائق للشباب والنساء”، اعتبر يونس سكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، أن “قضية التشغيل هي، أولا وقبل كل شيء، مسألة إرادة سياسية قوية”.
وتابع سكوري، في كلمة خلال مؤتمر الباحثين الاقتصاديين ذاته للبنوك المركزية في منطقة “مينا”، أن “الشغل لا يزال عاملا مهما في الإدماج والتماسك الاجتماعي بالمغرب”، وقال بأن “الحكومة تعمل، منذ توليها المسؤولية قبل عاميْن، على تنفيذ إصلاحات رئيسية في سوق العمل”.
“لقد مررنا في المغرب، على مدى العقود الثلاثة الماضية، بفترة تصنيع أسفرت عن نتائج ملموسة”، أورد وزير التشغيل، الذي استدرك قائلا: “ومع ذلك، لا تزال هناك أسئلة جوهرية عالقة ترتبط بسوق العمل نباشر العمل عليها حاليا”.
وفي “نبرة اعتراف” أمام خبراء اقتصاديين عالميين، زاد المسؤول الحكومي: “لقد وصلت سياسات الشغل المنفذة بالمملكة على مر السنين حدودها ومَداها الأقصى؛ ومن هنا جاءت الحاجة إلى الإصلاحات ونعتبر أن أقواها يتعلق بتحديث ترسانة قوانين العمل، خصوصا مدونة الشغل والقانون المتعلق بالإضراب”.
“أول انتصار صغير على درب التأهيل”
في هذا الإطار، وصف سكوري أن “اتفاق مأسسة الحوار الاجتماعي، الذي مر من مخاض عسير قبل توافق الآراء”، بـ”انتصار صغير حققناه في ظرف قياسي”، مسجلا أن “الحكومة تمكنت من التوافق مع مختلف شركائها الاجتماعيين (نقابات وقطاع خاص) على اتفاق اجتماعي سيعزز بيئات العمل بالمغرب”.
وأكد الوزير ذاته أن “السياسات السلبية في سوق الشغل ستهدف إلى الحد من البطالة عن طريق تغيير توزيع العمل، وجعله أكثر تحملا”.
الحكامة وتنظيم الشغل “حاسمان”
كما توقف سكوري، ضمن كلمته التي ألقاها باللغة الإنجليزية، عند برنامج «أوراش» الموجه إلى فئات بعينها، بعد أن سجل حصيلة إيجابية لعام 2022، مذكرا بـ”استفادة 30 في المائة من النساء وحوالي 60 في المائة من المناطق القروية من ثماره”، قبل أن يجدد عزم وزارته خلال العام الجاري “تركيز البرنامج على استهداف حاجيات التشغيل والوظائف طويلة الأجل (التي تفوق سنة)”.
وأجمل القول بأنه “عندما تكون الإرادة السياسية موجودة، تكون هناك ردود فعل إيجابية على العمل المنجَز”، موردا أنه “في جميع هذه البرامج الحكومية للتشغيل، من الضروري معالجة التكاليف الحقيقية، وجعل عملية الرقمنة جذابة بما يكفي لانخراط قوي فيها من طرف المواطنين”.
الوزير نفسه لم يغفل التشديد على أن “الطريقة المنظم بها سوق الشغل وتدابير الحكامة أمران حاسمان”، متأسفا لأنه “على مدى العقد الماضي، افتقرْنا إلى الحكامة الحقيقية.. كان ينبغي أن تُحدد القطاعات الإنتاجية أهدافا أوضح”.
المصدر: وكالات