بينما ينتظر المغاربة التساقطات المطرية والثلجية التي تأخرت هذا العام، تعيش ساكنة الجبال والقرى بأقاليم جهة درعة تافيلالت في دوامة الخوف من تكرار مآسي ضعف الشبكة الطرقية وغياب حطب التدفئة وبُعد المؤسسات الصحية ومشاكل التموين.
وتشهد عشرات القرى الجبلية بأقاليم الجهة ذاتها، خاصة بكل من ميدلت وتنغير وورزازات، في فصل التساقطات المطرية والثلجية مشاكل كثيرة، لا سيما كبار السن والنساء الحوامل، إذ تعرف معظم الطرقات الجبلية انقطاعات متكررة بسبب الثلوج أو انجراف الأتربة والأحجار، إلى جانب انخفاض شديد في درجات الحرارة.
يتميز فصل الشتاء بالعالم القروي، خاصة أثناء التساقطات الثلجية، بمجموعة من الإكراهات التي تتكرر سنويا ويطالب الأهالي إيجاد لها حلول ناجعة، وبين صرخات ونداءات استغاثة من هنا وهناك تعيش القطاعات المعنية وخاصة السلطات المحلية على وقع الاستنفار من أجل التدخل في الوقت المناسب لإسعاف حالة مرضية أو نقل حامل تتوجع بسبب آلام الوضع، أو بسبب الحصار الذي تفرضه الثلوج على المواطنين والمواشي في مناطق وعرة التضاريس.
هي نداءات وصرخات متعددة ومختلفة؛ لكن هدفها واحد هو إنقاذ الأروح، سواء البشرية أو الحيوانية المتضررة من موجة البرد والتساقطات الثلجية والمطرية، ما جعل العديد من الفعاليات المدنية والمهتمة بشؤون الجبال تطالب القطاعات الحكومية على مستوى المركز بالبحث عن حلول جذرية للمشاكل المتكررة سنويا نتيجة التقلبات المناخية، التي تخلف ضحايا في الأرواح البشرية والحيوانية.
التدابير الضرورية
قال عبد الحق جعداني، فاعل مدني بمنطقة أنفكو التابعة لإقليم ميدلت، إن أنفكو تعتبر من أكثر المناطق تضررا في فصل الشتاء، مشيرا إلى أن المنطقة تكون معزولة لأيام خاصة في موسم الثلوج الذي يحول المناطق الجبلية بالأقاليم المذكورة إلى مناطق شبه منكوبة وفارغة من البشر.
وأضاف المتحدث ذاته أن التساقطات الثلجية الكثيفة تتسب في شلل تام لحركة العربات والإنسان في المنطقة، مشددا على أن المناطق الجبلية في حاجة ماسة إلى برامج ومشاريع تنموية قادرة على انتشالها من الهشاشة التي تعيشها منذ سنوات، رافضا ذكر الجبال وساكنة الجبال فقط في الحوادث ومآسي البرد القارس.
وأكد المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن الحكومة، ومن خلالها السلطات الإقليمية بالمناطق المعنية بموجة البرد والتقلبات المناخية، يجب أن تتحرك لتفعيل المخطط الوطني للتخفيف من آثار موجة البرد، باتخاذ كل التدابير اللازمة والاستعدادات الاستباقية لمواجهة آثار هذه الموجة ووضع استراتيجيات الوقاية من الفيضانات وحماية أرواح السكان بالمناطق الجبلية المعنية.
وطالب جعداني الجهات المسؤولة بإحصاء المناطق الجبلية التي تتعرض سنويا لحصار ثلجي كثيف من أجل العمل على بناء طرق جيدة تسهل عملية الإغاثة، وبناء مراكز صحية مجهزة بأحدث التجهيزات لتقديم الخدمات الطبية للمتضررين من موجة البرد، وتوفير مروحيات تابعة لوزارة الصحة في جهة درعة تافيلالت يمكنها التنقل في وقت وجيز لإغاثة المواطنين.
الرحل أكثر المتضررين
أثناء تسجيل تساقطات ثلجية كثيفة بالجبال، تعيش مجموعات من الرحل على وقع معاناة بين البرد القارس والحصار الثلجي وسط الجبال ومناطق بعيدة تكون غالبا دون تغطية الهاتف؛ ما يجعل هذه الفئة تعيش الجحيم، حسب عدي نايت براهيم، من رحل إقليم تنغير.
وأكد نايت براهيم، في تصريح هاتفي لهسبريس، أن الرحل يبحثون دائما عن مكان يوجد فيها الكلاء والماء للمواشي، وغالبا ما تفاجئهم التساقطات الثلجية وتحاصرهم.
وفي هذا الصدد، أوضح المتحدث ذاته أن أغلب الرحل يوجدون بالجبال بين ورزازات وميدلت وتنغير، ومنهم من بدأ هذه الأيام في الرحيل نحو المناطق التي لا تسجل تساقطات ثلجية لتفادي نفوق المواشي وموت الأطفال.
وطالب نايت براهيم مصالح وزارة الفلاحة والسلطات المحلية بالقيام، بتنسيق مع جمعيات الرحل، بإحصاء الموجودين في المناطق المهددة بموجة برد قارس وتساقطات ثلجية من أجل إشعارهم بضرورة المغادرة نحو مناطق أخرى، بهدف حماية أرواحهم وحماية مواشيهم من الموت بسبب البرد والثلوج والأمطار، مؤكدا أن الرحل هم الأكثر فئة تضررا في التقلبات المناخية.
مسؤول يوضح
مصدر مسؤول بإقليم ميدلت كشف أن السلطة الإقليمية قامت، منذ مدة، بعقد اجتماعات استعدادا لموجة البرد القارس وأعطت تعليمات صارمة إلى السلطات المحلية وجميع القطاعات المعنية من أجل وضع خطة عمل واستراتيجية إقليمية تسهل عملية التدخل في وقت وجيز على مستوى المناطق المعنية.
وأضاف المصدر ذاته أن هناك تنسيقا أيضا بين السلطة الولائية والسلطات الإقليمية، خاصة بالمناطق المعنية، من أجل الاستعداد لموسم البرد القارس وتعبئة الموارد البشرية والوسائل اللوجيستيكية الكفيلة بالتدخل في أية حالة طارئة لحماية أرواح المواطنين والحفاظ على ممتلكاتهم.
وفي هذا الصدد، أوضح مصدر هسبريس أن عمال الأقاليم أعطوا تعليماتهم من أجل إحصاء الحوامل والرحل والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة والبيوت المهددة بالانهيار من أجل وضع خطة استباقية يمكن تسهيل عملية التدخل.
المصدر: وكالات