في كاليه بشمال فرنسا، يبدي مهاجرون سوريون ارتياحهم لسقوط نظام الرئيس بشار الأسد، غير أنهم لا يزالون حذرين، مؤكدين عزمهم على مواصلة رحلتهم إلى المملكة المتحدة، قائلين: “الكلّ يحلم بالعودة إلى وطنه، لكن الوضع لا يزال غامضا للغاية”.
خرج علي (23 عاما) المتحدر من درعا، مهد الثورة السورية عام 2011، من الخيمة التي أمضى فيها ليلة شديدة البرد في وسط كاليه، حيث ينتظر منذ شهرين ليتمكن من عبور بحر المانش على أمل الوصول إلى المملكة المتحدة.
وقال الشاب الهزيل، رافضا كشف اسمه كاملا، إنه عندما علم بسقوط الأسد في سوريا، شعر بـ”السعادة” لرحيل هذا “المجرم”.
لكنه لم يغير خطته، موضحا: “لم يعد أحد يرغب في بقائه في السلطة لكن الوضع في سوريا لا يزال غامضا والفوضى تعم البلاد”.
وقررت دول عدة، بينها ألمانيا والنمسا والمملكة المتحدة، تجميد إجراءات طلب اللجوء للسوريين.
وأعلنت وزارة الداخلية البريطانية، الاثنين، أنها “علقت مؤقتا” درس هذه الطلبات في المملكة المتحدة “ريثما يتم تقييم الوضع”.
وقال علي إنها “أخبار سيئة للغاية لكن هذا لن يثنينا: نريد الوصول إلى إنجلترا لأننا نبحث عن السلام”.
وتابع: “إذا تحسن الوضع في سوريا، سنعود، لا مكان أفضل من الوطن. لكن في الوقت الحاضر، لا يزال الوضع غامضا جدا، والقادة يأتون من أوساط على ارتباط بالإرهاب”.
“لا استقرار ولا أمن”
بعد هجوم مباغت شنه تحالف فصائل معارضة بقيادة هيئة تحرير الشام بزعامة أبو محمد الجولاني، فر بشار الأسد مع عائلته إلى موسكو.
وتقول هيئة تحرير الشام، جبهة النصرة سابقا قبل إعلان فك ارتباطها بتنظيم القاعدة، إنها ابتعدت عن التطرف، دون إقناع الدول الغربية، وبينها الولايات المتحدة، التي لا تزال تصنفها إرهابية.
وتساءل فارس، البالغ من العمر 32 عاما، الذي طلب عدم كشف هويته، عن نوايا مقاتلي الفصائل الذين يسيطرون الآن على القسم الأكبر من البلاد وباشروا، الاثنين، محادثات لنقل السلطة.
وقال في مخيم صغير يضم 20 خيمة قرب مبنى البلدية: “لا نعرف ما هي القوانين التي ستحكم البلاد”، مضيفا: “ما هي الجذور الثقافية للذين هم في السلطة الآن؟ لا نعرف شيئا”.
وأضاف فارس الذي يشعر بالقلق أيضا من الضربات الإسرائيلية: “نشعر بارتياح لرحيل بشار الأسد لكن لا استقرار أو أمنا في سوريا الآن”.
وانتقد الرجل الثلاثيني قرار السلطات البريطانية تعليق درس طلبات اللجوء المقدمة من سوريين، قائلا: “لا أحد يعرف ما سيحدث الآن في سوريا. في بريطانيا يمكننا أن نؤمن مستقبلنا ومستقبل أطفالنا. هناك فرص عمل وسلام وكل ما نحتاج إليه”.
“إنجلترا جيدة”
بين عامي 2011 و2021 مُنح نحو 31 ألف سوري اللجوء في المملكة المتحدة، وفقا لأرقام مجلس العموم البريطاني. في عام 2023، طلب أكثر من ثلاثة آلاف سوري اللجوء في البلاد.
قال محمد (31 عاما)، الذي يستخدم أحد تطبيقات الترجمة ليعبر عن آرائه: “سوريا ليست جيدة، وإنجلترا جيدة”.
ورحب السوري المتحدر من حماة وسط البلاد بسقوط نظام بشار الأسد لكنه غير مطمئن، وقال: “ماذا بعد؟ لا ضمانات بإحلال السلام ولا نعرف قادة البلاد الجدد”.
وقال علي أمام خيمته الصغيرة إنه في كاليه “أشعر بحنين كبير”. وأضاف: “عندما تصبح سوريا بلدا آمنا سأعود، لكن ليس الآن”.
المصدر: وكالات