اندلعت السبت حرب جديدة بين إسرائيل وقطاع غزة بعد عملية عسكرية مباغتة نفذتها حركة حماس التي أطلقت آلاف الصواريخ، وتوغلت في أراض إسرائيلية، وقالت إنها أسرت إسرائيليين.
وردّت إسرائيل بغارات جوية مكثفة على قطاع غزة، فيما صدرت إدانات دولية واسعة لهجوم حماس، ودعت دول أخرى إلى ضبط النفس.
وحتى بعد الظهر، بلغت حصيلة القتلى في الجانب الإسرائيلي أربعين قتيلا ومئات الجرحى، بحسب مصادر طبية، وفي الجانب الفلسطيني 198 قتيلا وأكثر من 1600 جريح.
وأعلنت “القناة 12” الإسرائيلية عن ارتفاع حصيلة الضحايا في صفوف الإسرائيليين إلى 100 قتيل على الأقل في هجوم كتائب القسام على مواقع إسرائيلية.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في رسالة عبر الفيديو: “نحن في حرب، ليست مجرد عملية أو دورة عنف، إنما هي حرب”.
وتحدث عن “هجوم مباغت” من حماس، مضيفا: “نحن في حرب وسنكسبها”.
ولم تتوقف صفارات الإنذار في المدن والقرى الإسرائيلية المتاخمة لقطاع غزة، وكذلك دوّت في تل أبيب والقدس، حيث اعترضت الدفاعات الجوية الإسرائيلية العديد من الصواريخ.
وسجلت خدمة الطوارئ والإسعاف التابعة لنجمة داوود الحمراء الإسرائيلية مقتل أربعين شخصا في إسرائيل، وقالت إنها نقلت مئات الجرحى إلى المستشفيات. وأعلنت وزارة الصحة الإسرائيلية إصابة ما لا يقل عن 779 شخصا بجروح.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان: “وصل إجمالي الشهداء والجرحى السبت إلى 198 شهيدا و1610 إصابات بجروح مختلفة”.
وأكد الجيش الإسرائيلي أن قواته تخوض معارك “على الأرض” ضد مقاتلين فلسطينيين في المناطق المحيطة بقطاع غزة، بعد تسلل هؤلاء “بالمظلات” بحرا وبرا.
وقال المتحدث باسم الجيش ريتشارد هيخت خلال إيجاز صحافي: “كانت عملية مزدوجة تمت من خلال مظلات عبر البحر والأرض”، وأضاف: “نحن نقاتل في الوقت الحالي، نقاتل في مواقع معينة في محيط قطاع غزة… قواتنا تقاتل الآن على الأرض” في إسرائيل.
وأشار المتحدث إلى أنه سيتم نشر الآلاف من جنود الاحتياط على الحدود مع قطاع غزة، وكذلك شمال إسرائيل وعلى الحدود مع لبنان وسوريا وفي الضفة الغربية المحتلة، وأضاف: “نحن نراقب جميع الساحات… ندرك أن هذا شيء كبير”.
“طوفان الأقصى”
وكانت كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلّح لحركة حماس، أعلنت صباحا بدء عملية “طوفان الأقصى”.
وقالت إنّ القيادة “قرّرت وضع حد لكل جرائم الاحتلال، وانتهى الوقت الذي يعربد فيه دون محاسب”، وتابعت: “نعلن بدء عملية طوفان الأقصى، ونعلن أن الضربة الأولى التي استهدفت مواقع العدو وتحصيناته تجاوزت خمسة آلاف صاروخ وقذيفة”.
وقال قائد الأركان في كتائب عز الدين القسام محمد الضيف إن العملية “رد على جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين واقتحاماته المتكررة للمسجد الأقصى”.
وبثت كتائب القسام في وقت لاحق مقطع فيديو يظهر أسر مقاتليها ثلاثة رجال يرتدون ملابس مدنية قالت إنهم إسرائيليون.
وظهرت في مطلع الفيديو العبارة التالية: “مشاهد أسر كتائب القسام عددا من جنود العدو ضمن معركة طوفان الأقصى”. ويبدو من اللافتات في خلفية الفيديو باللغة العبرية أن اللقطات أُخذت في الجانب الإسرائيلي.
كما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو أخرى تظهر فيها جثث جنود بملابسهم العسكرية، إضافة إلى جثث أشخاص وركاب على الطريق السريع، لم يكن في الإمكان التثبت من صحتها.
وفي عسقلان، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية إفادة سيدة كانت تحتمي مع طفلها بينما كان زوجها وسكان آخرون يقاتلون مسلحين فلسطينيين في شوارع تجمع صوفا السكاني.
وقالت السيدة: “إنهم يطلقون النار على منزلنا، يحاولون كسر باب الملجئ… أرسلوا المساعدة”.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن ما لا يقل عن 220 صاروخا أطلقت من قطاع غزة وأدت إلى احتراق مبان سكنية في مدينة عسقلان على بعد نحو عشرة كيلومترات شمال غزة.
وأكد نتانياهو أن حركة حماس “ستدفع ثمنا غير مسبوق”.
ووزعت حركة حماس شريطا مصورا يظهر فيه فلسطينيون يحتفلون في مخيم جباليا بسحب مقاتلين تابعين للحركة آلية عسكرية “صهيونية من نوع جيب” إلى المكان حصلوا عليها في إحدى عمليات التوغل.
وشاهد صحافي في فرانس برس فلسطينيين مسلحين يتجمعون حول دبابة إسرائيلية اشتعلت فيها النيران جزئيا بعد عبورها السياج الحدودي قرب خانيونس.
ورصد صحافي آخر فلسطينيين عائدين إلى مدينة غزة يقودون مركبة إسرائيلية تم الاستيلاء عليها.
ونصبت الشرطة الإسرائيلية حواجز بين القدس وتل أبيب وشرعت في تفتيش المركبات.
وفي تل أبيب، شوهد سكان وهم يستقلون حافلة بحثا عن مكان آمن في أحد الفنادق.
وفي القدس الشرقية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967 هتف بعض الفلسطينيين احتفالا وأطلقوا أبواق سياراتهم مع انطلاق صفارات الإنذار وسط توالي أصوات الانفجارات.
وخرجت في رام الله مسيرة تأييدا لحركة حماس الإسلامية رفعت خلالها رايات الحركة.
وشاهد صحافيون من وكالة فرانس برس في قطاع غزة مئات السكان يفرون من منازلهم الواقعة على الحدود مع إسرائيل.
وشوهد رجال ونساء وأطفال يحملون مواد غذائية وبطانيات ويخرجون من منازلهم، ومن بينهم أم أحمد غبن التي كانت تمسك بيد اثنين من أبنائها الأربعة في حي الشجاعية شرق مدينة غزة.
وقالت المرأة التي حملت أكياسا ملأتها بالطعام والملابس: “قامت الحرب، سأذهب إلى بيت أهلي في حي النصر رغم ألا مكان آمن”.
إدانة
وأدان الاتحاد الأوروبي ودول غربية عدة العملية التي تنفذها حماس وأكدت حق إسرائيل في الدفاع عن النفس.
ودعت روسيا ودول عربية عدة إلى “ضبط النفس”.
وتعهدت واشنطن بـ”ضمان حصول إسرائيل على ما تحتاج إليه للدفاع عن نفسها وحماية المدنيين من العنف العشوائي والإرهاب”ـ وأدانت “هجمات إرهابيي حماس غير المبررة على مدنيين إسرائيليين”.
في المقابل، عبرت إيران عن دعمها لعملية حماس التي “باركها” أيضا حزب الله.
وتفرض إسرائيل منذ العام 2007 حصاراً مشدّداً على القطاع، تاريخ تفرّد حركة حماس بالسيطرة عليه. وخاضت الفصائل الفلسطينية وإسرائيل عدّة حروب مدمّرة منذ ذلك الحين.
المصدر: وكالات