تستمر تداعيات تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول صفقات الدراسات التي أوكلتها بعض الأحزاب إلى مكاتب دراسات أو مراكز بحث أو أشخاص، وكلفت مئات الملايين من المال العام.
كان حزب الأصالة والمعاصرة (حكومة) بين هذه الأحزاب، فوفقا لتقرير المجلس الأعلى للحسابات، فإن الحزب طلب إنجاز 8 دراسات بمجرد استفادته من ذلك الدعم العمومي في 13 أكتوبر 2022. وقد تكلف مركز واحد بكل هذه الدراسات، وهو “مركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة”.
هذا المركز البحثي يديره سعيد ناشيد وهو مدرس مثير للجدل منذ حادث طرده من وظيفته في وزارة التربية الوطنية. ويوجد مقره في الطابق الأول في العمارة التي كانت فيما مضى مقرا مركزيا للحزب في الرباط قرب مقر وكالة المغرب العربي للأنباء، قبل أن تصبح مقرا رئيسيا لفروع الحزب وروابطه.
ومع ذلك، لم يسبق أن برزت الصلة الحقيقية بين الحزب وهذا المركز، لكن بلاغا صدر عن الحزب بعد نشر تقرير المجلس الأعلى للحسابات، أكد أن “المركز تابع للحزب” منذ تم إنشاؤه عام 2020.
تبعا لذلك، سيوضح سعيد ناشيد أن هذه الصلة بحزب الأصالة والمعاصرة لم تكن مشكلة بالنسبة إلى الباحثين في مركزه، وقال لـ”اليوم 24″، “إن مركزالحوار العمومي والدراسات المعاصرة الذي أتشرف برئاسته، قد أسسه حزب الأصالة والمعاصرة لأهداف تتعلق بإعداد الدراسات والأبحاث والتكاوين، وهو تابع للحزب وهذا يعرفه الجميع”.
ثم يضيف مستدركا: “لكن الواقع أن ما يميز هذا المركز عن معظم التجارب الأخرى أن أغلب الباحثين فيه مستقلون عن الحزب، بمن فيهم الرئيس ونائبه، كما أنه يتمتع باستقلالية تنظيمية وتدبيرية كافية لأجل تمكين المجال الفكري من هامش للفعل والتفاعل، وذلك وفق تعاقد واضح مع الحزب ظل الجميع يحترمونه، وهو ما يجعل التجربة فريدة من نوعها”.
عمل ناشيد في هذا المركز منذ تولى عبد اللطيف وهبي قيادة هذا الحزب مطلع عام 2020. وبعد مغادرته منصبه الشهر الفائت، ما زالت لافتات المركز البحثي بارزة على واحد من أبرز المقرات الرئيسية للحزب في العاصمة الرباط.
يقول ناشيد إنه يشعر بالفخر “أن عملت مع فريق عمل منسجم ويضم أكثر الباحثين والدارسين كفاءة في مختلف مجالات البحث والإنتاج الفكري، ما مكننا خلال وقت وجيز من ملء فراغ كبير في الساحة”.
خصص حزب الاصالة والمعاصرة 436 مليونا (بالسنتيمات)، لهذا المركز بهدف تنفيذ الدراسات المقررة: 55 مليونا لإنجاز دراسة حول “مدونة الأسرة والحداثة والثوابت الوطنية”؛ و48 مليونا بشأن دراسة حول “الحريات الفردية في ظل مغرب ما بعد دستور 2011″؛ و37 مليونا عن دراسة بعنوان “الخطاب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة ما بعد المعارضة”؛ و70 مليونا مقابل دراسة حول “القانون الجنائي ومتطلبات تحديث السياسة الجنائية”؛ و65 مليونا نظير دراسة حول “دور الشباب في المشهد الحزبي والسياسي لمغرب اليوم”؛ و58 مليونا مقابل دراسة حول “منظمة المرأة البامية”؛ و45 مليونا نظير بحث حول “إعلان حزب الأصالة والمعاصرة ومتغيرات الحياة السياسية”؛ و58 مليونا من أجل دراسة تجيب عن “سؤال الهوية الوطنية ومعنى أن تكون مغربيا”.
حصول هذا المركز لوحده على كافة صفقات الدراسات والأبحاث الخاصة بهذا الحزب، والممولة من الدعم العمومي، كان موضع انتقادات من المجلس الأعلى للحسابات، وقد استفسر مسؤولي الحزب عن ذلك، لكنهم “لم يدلوا بما يفيد إعمال مبدأ المنافسة”، بما في ذلك العقود المبرمة مع هذا المركز. ملاحظة لم تر فيها القيادة التي خلفت وهبي في قيادة الحزب، أي أهمية باعتبار المركز “تابع للحزب”.
المصدر: وكالات