في قلب المغرب، حيث تتلألأ جبال الأطلس وتتدفق مياه الأنهار، يقع سد بين الويدان، كأحد أهم السدود المائية في البلاد، لكن وراء مناظره الطبيعية الخلابة تلوح كارثة بيئية تهدد بتدمير كل شيء، إذ فقد السد أكثر من 80 في المائة من مياهه، ما يثير مخاوف من تراجع في السياحة في المنطقة، بالإضافة إلى كارثة بيئية تهدد التنوع البيولوجي.
بدأت أشغال بناء هذا السد سنة 1948، ويصل علوه إلى 132 مترا وعرضه إلى 290 مترا، فيما تبلغ سعته 1.5 مليار متر مكعب؛ ويقوم بتجميع مياه نهر احنصال ونهر وادي العبيد، ويوجد على بعد كيلومترات عن آيت أعتاب، وبالقرب من واويزغت.
“يعتبر سد بين الويدان من أهم المواقع السياحية في المغرب، إذ يجذب آلاف السياح كل عام بفضل مناظره الطبيعية الخلابة؛ لكن مع فقدان أكثر من 80 في المائة من مياهه يبدو أن مستقبل السياحة في المنطقة مهدد”، يقول عبد الرحمان التاقي، مهني في قطاع السياحة في المنطقة، مضيفا أن “الأنشطة السياحية تراجعت بشكل ملحوظ بسبب تراجع نسبة المياه في السد”.

وكشف المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن مساحة بحيرة بين الويدان تبلغ 3740 هكتارا، بعمق 120 مترا وبصبيب 2500 متر مكعب في الثانية؛ “لكن مع تراجع منسوب المياه يبدو أن المحطة الكهربائية التي تنتج 600 مليار كيلواط/ساعة في السنة قد تتأثر بدورها”.
وتخترق قنوات سد بين الويدان الجبال لكي تصب في المركب الهيدروكهربائي في أفورار، ويتم من خلالها سقي مئات الآلاف من الهكتارات في سهول تادلة إلى جهة تانسيفت في قلعة السراغنة، وهو ما أكده عدد من سكان المنطقة في تصريحات متطابقة لهسبريس، مشيرين إلى أن الجهات المختصة قامت مؤخرا بإطلاق دفقات مائية من هذا السد لري الحقول الفلاحية والزيتون في المناطق المتواجدة في سافلة السد.

ويلعب سد بين الويدان دورا محوريا في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة، حيث ساهم في تحسين مستوى المعيشة عن طريق توفير فرص عمل في مجالات الفلاحة والسياحة؛ فيما تعمل الجهات المختصة على بلورة برامج هادفة من أجل جذب الاستثمارات في السياحة البيئية، لتمكين الزوار من الاستمتاع بجمال الطبيعة المحيطة وممارسة مجموعة من الأنشطة، كالسباحة، والصيد، وركوب الدراجات المائية.
جمال بعلي، من الساكنة المحيطة بسد بين الويدان، قال إن “التراجع الملحوظ في حقينة السد يثير مخاوف من اندثار هذه الأنشطة السياحية، ما قد يؤثر سلبا على الاقتصاد المحلي”، مطالبا وزارة التجهيز والماء ووكالة الحوض المائي بالعمل من أجل إيجاد الحلول الممكنة لإنعاش حقينة السد، والحفاظ على هذا الموروث الطبيعي والاقتصادي.
وأضاف بعلي، في تصريح لهسبريس، أن “سد بين الويدان، هذه المعلمة السياحية والتاريخية التي ينقصها الإشعاع والتعريف، مازال يحتفظ بجماله الطبيعي الأخاذ؛ فرغم انخفاض مستوى مياهه إلا أنه مازال يعتبر نقطة جذب سياحي هامة”، وتابع: “الساكنة المحلية تنتظر بشغف الأمطار والثلوج لإنعاش حقينته، وتجديد مياهه، حتى يعود إلى سابق عهده، ويستعيد جماله الذي كان يميزه”.
وبالإضافة إلى أهميته السياحية والبيئية يعتبر سد بين الويدان من أهم مصادر الطاقة الكهربائية في المغرب، إذ يعتبر المحطة الثانية في البلاد من حيث إنتاج الطاقة الكهربائية، ما دفع بالعديد من الفاعلين المهتمين بالمجال البيئي إلى مطالبة الحكومة باتخاذ إجراءات فورية لإنقاذه، والحفاظ على مياهه.

خديجة أوصالح، من ساكنة المنطقة، قالت إن “سد بين الويدان نقطة مضيئة في إقليم أزيلال سياحيا وبيئيا، ويجب على الزوار الاعتناء به وممارسة الأنشطة الترفيهية بمحيطه، مثل السباحة وركوب الدراجات الهوائية”، مضيفة: “يجب على الجميع الحفاظ على هذا الموروث الطبيعي والاقتصادي لكي يبقى مصدر فخر للمنطقة خاصة والمغرب عامة”.
وزادت المتحدثة ذاتها، في تصريح لهسبريس، أنه “يجب على السلطات المعنية اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان استمرارية الأنشطة السياحية والاقتصادية في المنطقة، والحفاظ على مستوى معيشة الساكنة المحلية”، ولم تخف أن تعيين عامل إقليم جديد “دليل على العناية التي يوليها الملك محمد السادس لهذه المناطق الجبلية، خاصة أن المسؤول الإقليمي الجديد مشهود له بالكفاءة وقادر على قيادة الإقليم من حسن إلى أحسن”، داعية السلطات المعنية إلى إيجاد الحلول الممكنة لإنعاش حقينة سد بين الويدان، والحفاظ على هذا الموروث الطبيعي والاقتصادي.
المصدر: وكالات
