خسرت الأحزاب الانفصالية، التي حكمت كاتالونيا لمدة عشر سنوات، أغلبيتها في الانتخابات الإقليمية أمس الأحد، مع تقدم واضح للاشتراكيين بزعامة رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز.
وبعد فرز 98 بالمائة من الأصوات، تمكن حزب “معا من أجل كاتالونيا” المتشدد، بزعامة كارليس بوتشيمون، وحزب الإصلاح الدستوري المعتدل، بزعامة الزعيم الإقليمي المنتهية ولايته بيري أراغونيس، وحزب اليسار الجمهوري الأصغر، من الحصول على 59 مقعدا فقط من مقاعد البرلمان الإقليمي البالغ عددها 135 مقعدا، أي أقل بكثير من 68 مقعدا اللازمة لتشكيل أغلبية.
وحصل الاشتراكيون الكاتالونيون، بقيادة سلفادور إيلا، على 42 صوتا؛ وهو ما يزيد قليلا عن المتوقع في استطلاع للرأي نشر بعد انتهاء التصويت، مما يعني أنهم سيحتاجون أيضا إلى إقامة تحالفات لتشكيل أغلبية حاكمة.
ورغم حصد الاشتراكيين غالبية الأصوات في الانتخابات الإقليمية السابقة لعام 2021، فإنهم لم يتمكنوا من تشكيل الأغلبية، فيما وصل الانفصاليون إلى السلطة بائتلاف مكون من 74 مقعدا.
ونجح الاشتراكيون، بزعامة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، في إظهار تراجع المشاعر الانفصالية في كاتالونيا، بعد أكثر من ست سنوات عن محاولة الانفصال في أكتوبر 2017، وهي واحدة من أسوأ الأزمات التي شهدتها إسبانيا المعاصرة.
لكن المرشح الاشتراكي سلفادور إيلا، وزير الصحة خلال جائحة “كوفيد”، سيتعين عليه العثور على شركاء لتشكيل الأغلبية، وهو ما عجز عنه عام 2021.
والفرضية التي يرجحها المحللون هي التحالف مع اليسار الراديكالي، الذي يحكمون معه على المستوى الوطني، ومع الحزب الأكثر اعتدالا بين الانفصاليين الذي خسر الكثير من المقاعد في هذه الانتخابات.
وبالكاد تحصل هذه الأحزاب الثلاثة فيما بينها على أغلبية مطلقة تبلغ 68 مقعدا.
معالجة الجراح
منذ أصبح رئيسا للوزراء في 2018 بعد نحو تسعة أشهر من المحاولة الفاشلة للانفصاليين في كاتالونيا، عمل سانشيز على “لَأْم الجراح”، التي تسببت فيها الأزمة السياسية غير المسبوقة.
وأصدر عام 2021 عفوا عن الذين سجنوا على خلفية محاولة الانفصال. وفي نونبر دفع نحو إقرار قانون للعفو عن أولئك الذين ما زالوا مطلوبين، مقابل دعم الانفصاليين له بشكل يمنحه ولاية جديدة من أربعة أعوام في رئاسة الحكومة.
ولا يزال مشروع القانون أمام مجلس الشيوخ، ومن المقرر أن تتم المصادقة عليه خلال أسابيع. وسيتيح ذلك عودة بوتشيمون (61 عاما)، الزعيم الذي قاد محاولة الانفصال، قبل أن يفر إلى بلجيكا لتفادي الملاحقة القانونية.
ودفع العفو المثير للجدل المعارضة اليمينية واليمينية المتطرفة إلى النزول الى الشارع في احتجاجات ضخمة، واتهمت سانشيز بالسماح للانفصاليين بأخذه “رهينة” للبقاء في السلطة.
وبالنسبة إلى سانشيز، يعد إبعاد كاتالونيا عن الانفصاليين، الذين حكموا الإقليم لنحو عقد من الزمن، انتصاراً كبيراً في جهوده لطي صفحة الأزمة التي أشعلتها محاولة الانفصال. كما يسمح له ذلك بإعادة إطلاق ولايته التي بدأت في نونبر الماضي.
وطغت على الولاية الجديدة، حتى الآن، تحركات المعارضة اليمينية المتطرفة، وتحقيق يطال زوجة سانشيز بشبهات فساد لوّح بسببه باحتمال الاستقالة.
ورغم نيل الاشتراكيين أكبر عدد من الأصوات خلال الانتخابات الإقليمية الأخيرة في فبراير 2021، فإن مرشحهم إيلا فشل في جمع غالبية حاكمة، بينما شكلت الأحزاب الانفصالية ائتلافا من 74 مقعدا.
وكان بوتشيمون يأمل في تحقيق أداء قوي في الانتخابات، بشكل يتيح له العودة منتصرا كزعيم إقليمي لكاتالونيا بمجرد إقرار العفو.
وقال بوتشيمون في ختام حملته الانتخابية بجنوب فرنسا: “دعونا نملأ صناديق الاقتراع بأوراق التصويت ونبدأ في التحضير لعصر جديد”.
وخاض الزعيم الكاتالوني السابق حملته الانتخابية بجنوب فرنسا، على مقربة من الإقليم، نظراً لكونه غير قادر على دخول إسبانيا بسبب مذكرة التوقيف الصادرة في حقه ولا تزال نافذة.
وتعاني الحركة الانفصالية الكاتالونية انقساما حادا، حاليا، في ظل تباين بين “معاً من أجل كاتالونيا” وحزب اليسار الجمهوري.
المصدر: وكالات