في مشهد يختزل معاناة سنوات، تقف فاطمة، البالغة من العمر 65 سنة، أمام بناية المستشفى الإقليمي الجديد بتنغير، تتأمل بحسرة جدرانه ومحيطه غير المكتملة، وتتذكر رحلة ابنتها المؤلمة إلى ورزازات للولادة قبل أشهر، مشيرة إلى أن حلم الساكنة يراوح مكانه منذ 7 سنوات.
“أربعة وزراء مروا، والوعود تتكرر، ونحن ما زلنا ننتظر”، قال علال آيت عبد الله، بصوت متهدج، ملخصا قصة مشروع صحي حيوي يراوح مكانه منذ 2017، تاركا خلفه آلاف المواطنين يكابدون مشقة التنقل إلى الأقاليم المجاورة بحثا عن العلاج.
يعود تاريخ انطلاق أشغال المستشفى الإقليمي بتنغير إلى سنة 2017، حين أعطى الحسين الوردي، وزير الصحة آنذاك، انطلاقة البداية لهذا المشروع الحيوي، الذي كان من المفترض أن يخفف معاناة ساكنة الإقليم. ومنذ ذلك الحين، تعاقب على تفقد المشروع ثلاثة من الوزراء الآخرين هم أنس الدكالي وخالد آيت الطالب؛ فيما تنتظر الساكنة زيارة الوزير الحالي أمين التهراوي، للوقوف على وضعية المشروع.
وحسب تصريحات المواطنين، فإن تأخر إنجاز المرفق الصحي يكبدهم مصاريف باهظة للتنقل إلى المستشفيات المجاورة في ورزازات والرشيدية، خاصة في الحالات المستعجلة؛ مما يشكل عبئا إضافيا على كاهل الأسر الفقيرة، ملتمسين بضرورة فتحه قصد تخفيف معاناة المرضى وأسرهم.
محمد العبدي، أحد سكان مدينة تنغير، قال: “نضطر أحيانا إلى قطع مسافات طويلة في ظروف صعبة للوصول إلى أقرب مستشفى إقليمي”، مضيفا أن “الوضع أصبح لا يطاق، خاصة بالنسبة للحالات المستعجلة والنساء الحوامل”، مشددا على ضرورة حل المشكل من طرف المصالح المركزية للوزارة.
وأفادت المعطيات المتوفرة بأن نسبة تقدم الأشغال في هذا المشروع الصحي الحيوي بلغت نهايتها، إلا أن المواطنين وفعاليات المجتمع المدني يطالبون بتدخل عاجل من الوزارة الوصية لتجاوز العراقيل التي تعترض استكمال المشروع.
وفي هذا الصدد، أشارت المعطيات ذاتها إلى أن السلطة الإقليمية، ممثلة في عامل الإقليم، تقوم بشكل دوري رفقة الإدارة الجهوية والإقليمية للصحة بزيارة الورش للوقوف على تقدم الأشغال؛ إلا أن المشكل الكبير والعائق الذي يقف حجرة عثرة أمام تحرك المشروع هو الموارد البشرية، والتي يجب على الوزارة الوصية إيجاد حل لها.
وذكر إبراهيم بهادي، فاعل جمعوي بإقليم تنغير، أن مستشفى تنغير الإقليمي الجديد سجل من قبل تعثرا كبيرا مس الحق في الصحة والعلاج لساكنة تتجاوز 300 ألف نسمة، لافتا إلى أنه في الوقت الذي تتوالى فيه الزيارات الوزارية دون نتائج ملموسة تبقى معاناة المواطنين مستمرة، منتظرين بفارغ الصبر افتتاح هذا المرفق الصحي الذي طال انتظار.
وتساءل المتحدث ذاته، في تصريحه لهسبريس، “فهل ستحمل زيارة الوزير الجديد أمين التهراوي بشائر الفرج لساكنة الإقليم، أم سيضاف اسمه إلى قائمة الوزراء الذين مروا على المشروع دون تحقيق الحلم المنشود؟”، مؤكدا أن المجهودات الكبيرة المبذولة محليا من لدن السلطة الإقليمية في شخص عامل إقليم تنغير والمدير الجهوي لقطاع الصحة والمندوب الإقليمي غير كافية؛ لأن هناك ما هو أكبر ويرتبط بالموارد البشرية.
مسؤول بقطاع الصحة والحماية الاجتماعية في جهة درعة تافيلالت أكد، ضمن تصريح لهسبريس، أن المشروع يسير بوتيرة جيدة وأن الأشغال في مراحلها النهائية، مشيرا إلى أن الوزارة تولي اهتماما خاصا لهذا المرفق الصحي الحيوي.
وأضاف المسؤول ذاته أن “الوزارة تعمل جاهدة على توفير الموارد البشرية اللازمة لتشغيل المستشفى؛ من خلال برمجة مناصب جديدة في الحركة الانتقالية المقبلة، وفتح مناصب للتعاقد مع أطباء اختصاصيين”، مؤكدا أن “المديرية الجهوية تنسق بشكل مستمر مع المصالح المركزية لتجاوز كافة العراقيل”.
من جانبه، أوضح المتحدث ذاته أن “المستشفى سيكون مجهزا بأحدث المعدات الطبية، وسيضم أقساما متخصصة تستجيب لحاجيات ساكنة الإقليم”، مشيرا إلى أن “عملية تجهيز المستشفى ستنطلق فور الانتهاء من الأشغال النهائية”.
وحسب مصدر مسؤول بعمالة إقليم تنغير، فإن السلطات المحلية تواكب عن كثب تقدم أشغال المشروع من خلال اجتماعات دورية للجنة الإقليمية لتتبع المشاريع التنموية، مؤكدا أن “العامل يولي اهتماما خاصا لهذا المشروع، نظرا لأهميته الاستراتيجية في تحسين الخدمات الصحية بالإقليم”.
المصدر: وكالات