وصل السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الجزائري، أول أمس الاثنين، إلى موسكو ، في إطار زيارة رسمية يقوم بها المسؤول العسكري ذاته إلى روسيا بـ”دعوة من سيرغي شويغو، وزير الدفاع الروسي”، والتي تهدف إلى “تعزيز التعاون بين الجانبين والتباحث حول الملفات ذات الاهتمام المشترك”، وفق ما أفاد به بيان لوزارة الدفاع الجزائرية.
وأجرى قائد الجيش الجزائري، أمس الثلاثاء، مباحثات مع وزير الدفاع الروسي، حيث أكد هذا الأخير أن “العلاقات الروسية الجزائرية عرفت تطورا ديناميكيا كبيرا”، مشيرا إلى “استعداد بلاده لتعزيز القدرات القتالية للقوات المسلحة الجزائرية”، وفق ما أفادت به وكالة سبوتنيك الروسية.
وتطرح زيارة شنقريحة إلى روسيا، التي جاءت بعد أسابيع قليلة من زيارة عبد المجيد تبون إلى هذا البلد، تساؤلات عديدة حول رهاناتها والسياقين الإقليمي والدولي الذين تأتي فيه، في وقت قال محللون إنها تأكيد لصفقات التسلح التي اتفق البلدان على إبرامها، خاصة في ظل حاجة البلدين إلى هذه الصفقات في السياق الحالي؛ فيما سجل آخرون أنها لن تخلو من محاولة للتأثير على موقف موسكو من قضية الصحراء المغربية، في ظل فشل زيارة تبون الأخيرة في استمالة روسيا لصالح موقف بلاده من هذا النزاع.
وليد كبير، صحافي جزائري معارض، قال إن “زيارة شنقريحة إلى موسكو أهم من زيارة الرئيس الجزائري إلى هذه الأخيرة، إذ إنها ستكون محطة مهمة لتوقيع صفقات عسكرية يحتاجها الرئيس الروسي في الوقت الحالي لتمويل حربه على أوكرانيا على حساب أموال الشعب الجزائري”، مبرزا أن هذه الزيارة “تؤكد أن الجزائر ارتمت بشكل كامل في أحضان الدب الروسي”.
وأضاف المتحدث عينه أن “موسكو لا تنظر إلى الجزائر سوى باعتبارها سوقا مهمة لأسلحتها وممولا أساسيا للاقتصاد الروسي”، مشددا على أن هذه الزيارة هي كذلك “إشارة إلى أن العسكر لا يثق في مؤسسة رئاسة الجمهورية بشكل كبير وأن ملف التعاون العسكري يبقى حكرا على جنرالات الجيش، رغم أن الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع الوطني”.
“زيارة شنقريحة إلى موسكو، هذا الرجل الذي يمارس مهامه ليس فقط كقائد للأركان وإنما أيضا وزيرا للدفاع، دليل آخر على هيمنة الجيش على كل مفاصل الدولة”، أوضح كبير، الذي زاد: “مؤسسة رئيس الجمهورية لم تعد بتلك المكانة التي كانت عليها أيام حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة”.
وحول رهانات هذه الزيارة على المستويين الداخلي والخارجي بالنسبة لكل من الجزائر وروسيا، أورد المتحدث ذاته أن “المحادثات ستركز بالأساس على صفقات التسليح التي تحتاج إليها موسكو في الوقت الحالي وتطمح إلى زيادة مبيعاتها إلى الجزائر. كما تطمح إلى تشييد قواعد عسكرية لها على الأراضي الجزائرية”.
وخلص المصرح لهسبريس إلى أن “خطوة شنقريحة من شأنها أن تُغضب الدول الغربية التي تسعى إلى وقف منابع التمويل الروسي للحرب في أوكرانيا، إضافة إلى أنها تفضح ما تدعيه الجزائر من حياد تجاه الأزمة بين موسكو وكييف، التي قالت إنها تسعى إلى الوساطة بشأنها في وقت تميل فيه بشكل كامل إلى كفة روسيا”.
من جهته، أورد حسن بلوان، خبير في العلاقات الدولية، أن “زيارة المسؤول العسكري الجزائري إلى موسكو تأتي في سياق تفرض فيه تداعيات الحرب الأوكرانية الروسية تحديات عديدة على مجموعة من الدول خاصة في المجال المتوسطي، على غرار الجزائر التي تعاني من نقص في إمدادات السلاح الروسي جراء هذه الحرب”.
كما تأتي هذه الزيارة “بُعيد القمة الإفريقية الروسية التي تراهن عليها موسكو لكسر الحصار المفروض عليها من طرف الغرب والتخفيف من تداعيات العقوبات الغربية على الاقتصاد الروسي”، أضاف بلوان، الذي شدد على أنها “لا يمكن أن تخلو من محاولة لعرقلة المصالح الاستراتيجية للمغرب، خاصة أن الزيارة الأخيرة للرئيس تبون جاءت على عكس توقعات النخبة العسكرية الحاكمة في الجزائر ولم تنجح في التأثير على العلاقات بين الرباط وموسكو فيما يتعلق بمواقف هذه الأخيرة من الوحدة الترابية للمغرب”.
وخلص الخبير ذاته، في تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن “قضية الصحراء المغربية والعلاقات المغربية الروسية إضافة إلى الأدوار الإقليمية للرباط ستكون حاضرة خلال محادثات المسؤولين العسكريين الجزائريين مع نظرائهم الروس؛ غير أنها لن تنجح في التأثير في موقف موسكو الذي ينحو منحى الحفاظ على علاقات متوازنة مع الرباط والجزائر، إذ عبر بوتين خلال القمة الأخيرة عن رغبة بلاده في تعزيز علاقاتها مع المغرب، دون أن ننسى الموقف المتوازن كذلك لهذا الأخير بشأن الأزمة الأوكرانية الروسية”.
المصدر: وكالات