منحت السلطات العمومية المختصة تراخيص لأكثر من 30 مشروعا لإنتاج الطاقة الشمسية فوق الضوئية من الحجم المتوسط والصغير و350 ميغاواط لفائدة المقاولات الوطنية، في إطار دعم الإنتاج الذاتي للطاقة، وهو ما مثّل فرصة للباحثين في قضايا المناخ والتنمية المستدامة للدعوة إلى رفع الاستثمار أكثر في مجال إنتاج الكهرباء أمام التحديات المطروحة بحدّة بسبب التغيرات المناخية وما فرضته من إجهاد على هذا المستوى.
وفي الزمن الراهن يبدو أن الاستجابة للاحتياجات الذاتية من الطاقة الكهربائية لأجل توجيهها مجددا للاستهلاك الذاتي مخطّط واعد على المستوى العالمي لتقليص التبعية الطاقية للخارج، وتحفيز الأوراش الوطنية في أفق التقليل من الاعتماد على الوسائل التقليدية في إنتاج الطّاقة، لاسيما الطّاقة الأحفوريّة التي تحتل نسبة كبيرة ضمن المزيج الطّاقي المغربي في الوقت الحالي.
“نصوص متأخرة”
نادية حمايتي، باحثة في المناخ والتنمية المستدامة، قالت إن “منح التّراخيص لأجل تأهيل القطاع الخاص ليشارك في الإستراتيجيّة الطاقيّة هو ضرورة ملحّة تفرضها المرحلة”، مؤكدة أن “هذا التّوجه عالمي، لكن الإطار القانوني يجب أن يكون محفّزا أكثر، لأن الانفتاح على القطاع الخاص أكثر يسرع أوراش الانتقال الطاقي بالمغرب للوصول إلى الأهداف المعلنة”.
وشددت حمايتي، في تصريحها لهسبريس، على أن “هناك نوعا من التأخر في مواكبة النّصوص التنظيمية المغربيّة للتّحولات الطّاقية والتّغيرات المناخية المُتسارعة في السنين الأخيرة”، مسجلة أن “الاشتغال يجبُ أن يكون بوتيرة تسمحُ بتطوير القطاع وتحقيق التّنافسية، خصوصاً أن المقاولات الصغرى والمتوسطة تأخذ قروضاً لكي تنتج هذه الطاقة، وهذا له علاقة بالاستثمار في الدراسات والآلات والتجهيزات”.
وأبرزت الباحثة في المناخ أنه “على مستوى الموارد البشرية تجب تقوية مهارات جميع الفاعلين، وأيضا هناك حاجة لتقوية القدرات لتحقيق النجاعة الطاقية لكي نستطيع توليد الطاقة الكهربائية انطلاقا من هذه المشاريع”، موضحة أن “القطاع الخاص مدعوّ اليوم إلى أن يلعب دوراً أساسيّا إلى جانب السلطات العمومية في المغرب، لأن المؤسسات التمويلية الكبرى تركز على دوره في مواجهة التغيرات المناخية”.
وأوردت المتحدثة ذاتها أن “القطاع الخاص يحتاج تراخيص، وهو ما يمكن الاشتغال على تمتينه بالشراكة مع وزارات أخرى وصية على قطاع الاستثمار، لأن الشركات والمقاولات لها مقدّرات مهمّة، وبالتالي يتعين استغلالها بشكل إيجابي خدمة للإستراتيجية الطاقية الوطنية”، لافتة إلى أن “التاريخ اليوم صار حاسما، فنحن بحاجة إلى تقليص التبعية الطاقية من خلال تقليل حجم الاستهلاك الوطني من الطاقات المستوردة”.
“تصدير للفائض”
رشيد فاسح، باحث في المناخ والتنمية المستدامة، اختار أن يبدأ تصريحه بالتّأكيد على أن “الانفتاح على القطاع الخاص لإنتاج الطاقة الكهربائية بشكل ذاتي هو خطوة يمكن أن نعزز السير فيها حتى على مستوى القطاع العام”، موردا أن “الطاقة المنتجة بوسائل ذاتية ونظيفة مسألة ممكنة بالنظر إلى الإمكانات الشّمسية التي يتمتّع بها المغرب، وهو ما يمكن استثماره لتحقيق الاكتفاء الذاتي على المستوى الوطني، وبالتالي تصدير الفائض”.
وأوضح فاسح، في تصريحه لهسبريس، أن “النمو الديمغرافي والزحف العمراني يرفعان الطلب على الطاقة الكهربائية، وبالتالي دفع القطاع الخاص إلى إنتاج الطاقة انطلاقا من الشمس من شأنه أن يقلّص من حجم هذا الاستهلاك”، منبها إلى أن “الإشكال ليس فقط طاقيا بشكل حصري، بل حتى الماء اليوم أصبح مشكلة حقيقية بسبب تنامي ظاهرة الجفاف، ما جعل السلطات تتخذ إجراءات مختلفة لإنقاذ الوضع”.
وأبرز المتحدث ذاته أن “ترشيد استهلاك الطاقة يجعل المقاولات مستقلة طاقيا، وسيقلل إنهاك الشبكة الوطنية الخاصة بالكهرباء، كما سيساهم في حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي، لأن نسبة كبيرة من الشبكة الكهربائية تنتج من وسائل أحفورية”، مشددا على أن “الانتقال إلى الطاقات النظيفة في كل القطاعات يتعين أن يتم وفق منظور تتشارك فيه السلطات العامة والخاصة وكذلك المواطنون، لأن الطاقة صارت رقما صعبا في عالم اليوم”.
المصدر: وكالات