بعث بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، رسالة إلى الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الرابعة والعشرين لعيد العرش، قال من خلالها إن “العلاقات بين البلدين تنبني على تاريخ مشترك وتقارب عميق بين الشعبين”، مضيفا أن اعتراف إسرائيل بمغربية الصحراء وزيارته المرتقبة إلى المغرب، خطوة “سترتقي بالعلاقات المغربية الإسرائيلية إلى أعلى المستويات”.
وكان الملك محمد السادس قد بعث رسالة إلى نتنياهو على خلفية اعتراف بلاده بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، ثمن فيها الخطوة الإسرائيلية، ودعاه إلى زيارة الرباط “في موعد يحدد عبر القنوات الدبلوماسية، بما يناسبنا معا”، وفق ما ورد في الرسالة الملكية.
وشدد العاهل المغربي على أن “هذا اللقاء من شأنه أن يفتح إمكانيات جديدة للعلاقات الثنائية بين المغرب وإسرائيل، كما سيشكل مناسبة لتعزيز آفاق السلام لفائدة جميع شعوب المنطقة، وذلك باستحضار مضمون الإعلان الثلاثي الموقع في 22 دجنبر 2020 بين المملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية ودولة إسرائيل، بما في ذلك ما يتعلق بالمبادئ التوجيهية التي يجب أن تحكم تسوية النزاع الإسرائيلي الفلسطيني”.
ويرى محللون أن الزيارة المرتقبة للمسؤول الإسرائيلي إلى المملكة ستشكل فرصة لتعزيز التعاون بين البلدين ليشمل مجالات ومستويات متعددة، بما في ذلك الارتقاء بالعلاقات التجارية والدبلوماسية بين الشريكين الجديدين، كما ستكون لها انعكاسات على مسار السلام في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
آفاق واعدة ورهان مغربي-إسرائيلي
شريفة لموير، باحثة في العلوم السياسية، قالت إن “التقارب الذي تشهده العلاقات المغربية الإسرائيلية سوف يتيح آفاقا جديدة للتعاون بين الطرفين على مختلف الأصعدة، كما أن الزيارة المرتقبة لنتنياهو إلى المغرب تحمل معها آمالا وآفاقا مهمة للتعاون بين المغرب وإسرائيل، الذي من شأنه أن يخدم مصالح الطرفين، خاصة بعد اعتراف تل أبيب بمغربية الصحراء وعزمها فتح قنصلية لها بمدينة الداخلة”.
وأضافت لموير، في تصريح لهسبريس، أن “هذه الزيارة تنطوي على رهانات مهمة، سواء بالنسبة للمغرب أو إسرائيل، إذ تسعى تل أبيب من خلالها إلى إيجاد موطئ قدم لها في شمال إفريقيا والاستفادة من الفرص الاقتصادية المهمة في هذه المنطقة، وفي إفريقيا عموما، على اعتبار أن المغرب بوابة لهذه الأخيرة”.
في الصدد ذاته، أوردت المتحدثة أن “التوجه الإسرائيلي لتطوير العلاقات مع المغرب، سواء من خلال تبادل الزيارات بين مسؤولي البلدين أو عقد قمة على أعلى مستوى في إطار دبلوماسية القمة باعتبارها أفضل المقاربات السياسية لتناول القضايا ذات الاهتمام المشترك، راجع بالأساس إلى مكانة الرباط داخل المنظومتين الإقليمية والدولية”.
أما بالنسبة للمغرب، فستشكل هذه الزيارة “فرصة لتحقيق تقدم في الشراكة مع تل أبيب والارتقاء بها لتشمل مجالات مختلفة، على غرار توقيع اتفاقية للتبادل الحر سبق لتل أبيب أن عبرت عن رغبتها في توقيعها مع الرباط”، تسجل لموير، موضحة أن “الارتقاء بعلاقات البلدين يحمل كذلك رهانات كبيرة بالنسبة للسلام في الشرق الأوسط، من خلال الوساطة المغربية بين الفلسطينيين والإسرائيليين التي كانت دائمة فارقة في مسار القضية الفلسطينية التي تعتبرها الرباط ثابتا من ثوابت سياستها الخارجية”.
تأكيد للاعتراف وتوحيد للجهود
من جهتها، أوردت عينات ليفي، باحثة في معهد “متيفيم” الإسرائيلي للسياسات الخارجية والإقليمية، أن “الزيارة المرتقبة لنتنياهو ليست الأولى لرئيس وزراء إسرائيلي إلى المملكة المغربية؛ فقد زار رئيس الحكومة السابق إسحاق رابين الرباط سرا كجزء من عملية السلام بين إسرائيل ومصر في أكتوبر من العام 1976، حيث لعب الملك الحسن الثاني دورا مهما من خلال وساطته في هذه العملية، كما زارها في العام 1997 كجزء من مفاوضات أسلو للسلام، وكانت تلك أول زيارة علنية”.
“ستكون زيارة نتنياهو هي الأولى التي يشق فيها رئيس وزراء اسرائيلي طريقه إلى الرباط في رحلة طيران مباشرة، وستكون بداية لمرحلة جديدة من تبادل الزيارات الرسمية رفيعة المستوى بين البلدين”، تسجل عينات، مبرزة أن “زيارة نتنياهو ستعزز من اعتراف إسرائيل بمغربية الصحراء الذي تم الإعلان عنه فقط في رسالة رسمية، وستكون فرصة جيدة للتوقيع على الاعتراف في حفل رسمي”.
وأضافت الباحثة عينها أن “لقاء رئيس الحكومة الإسرائيلية بالمسؤولين المغاربة سيشكل فرصة مهمة للإعلان عن الارتقاء بمستوى العلاقات بين البلدين إلى علاقات دبلوماسية كاملة وفتح السفارتين في الرباط وتل أبيب، وبالتالي التأسيس لمرحلة جديدة في تاريخ العلاقات بين البلدين وتعزيز الصداقة بين الشعبين”.
وأضافت أن “زيارة نتنياهو لن تكون فقط فرصة لتعزيز العلاقات الثنائية بين إسرائيل والمغرب، ولكن أيضا لتقوية التحالف الثلاثي بين إسرائيل والمغرب والولايات المتحدة في إطار اتفاقات أبرهام، التي تتجه إلى التوسع لتشمل دولا أخرى في المنطقة، وهو ما سيؤدي إلى تغيير جوهري في التوازن والتحالفات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وبروز أفكار جديدة أكثر توافقا مع الواقع الجديد مقابل سقوط القديمة منها، ومن ثم تبني التعددية الثقافية بدلا من النهج القومي الأحادي، وبالتالي فهذه فرصة حقيقية بالنسبة لنا ولكنها أيضا التحدي الأكبر الذي نواجهه”.
وتفاعلا مع سؤال إن كانت الشروط السياسية متوفرة لاستقبال نتنياهو في المغرب، ردت عينات بأن “كل الظروف مهيأة لذلك، لأن العلاقات بين إسرائيل والمغرب قوية وإيجابية، ولدينا مزيج فريد من المصالح السياسية والاقتصادية القائمة على الثقافة والتاريخ المشتركين”، غير أنها استدركت بأنه “على الرغم من كل هذا الزخم، إلا أننا لا يمكن أن نضفي المثالية عليه لسببين رئيسيين: الأول، يتعلق بالوضع الداخلي الحالي في إسرائيل والاحتجاجات المستمرة ضد مجموعة من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية الحالية”.
وواصلت أنه “في هذا المناخ السياسي، قد لا يُنظر إلى زيارة نتنياهو على أنها مجرد استمرار وتطور للعلاقات طويلة الأمد بين البلدين، ولكن باعتبارها أيضا إنجازا سياسيا للحكومة الحالية، وبالتالي تسييس العلاقات مع المغرب مع ما يمكن أن يكون لذلك من تأثير”.
أما السبب الثاني، تضيف الباحثة الإسرائيلية ذاتها، في تصريح لهسبريس، فيتعلق بـ”الجمود الحالي في العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين، حيث إن الفلسطينيين لم يتم إشراكهم بالكامل في اتفاقيات أبرهام، الأمر الذي يمكن أن يعيق العملية بأكملها. وعليه، فلا ينبغي أبدا أن نأخذ ما لدينا اليوم كأمر مسلم به، فمن مسؤوليتنا أن نوحد جميع جهودنا والتأكد من استمرارها لصالح منطقتنا”.
المصدر: وكالات