أعاد المؤتمر الدولي حول “التحول الرقمي لمنظومة العدالة: رافعة لعدالة ناجعة وشمولية”، الذي نظم بمدينة طنجة، إلى واجهة النقاش “التحديات التي يصطدم بها هذا الورش”، لاسيما في ما يتعلق بتعميق الحوار حول فرص التحول الرقمي على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي، بما أن التوصيات الموجهة لورش الرقمنة بالمغرب مازالت تتجه إلى “التحذير من هذا التأخر الذي يعرفه”.
الباحثون الذين تواصلت معهم هسبريس بهذا الخصوص وجدوا أن “الحصيلة الضعيفة لمشروع الرقمنة بشكل عام، مازالت تشكل إرباكاً لمسار التنزيل في قطاع العدالة، على الرغم من التقدم الذي جرى إحرازه”. لكن تأهيل الوسائل الجديدة والعصرية في نظام العدالة، يشكّل “توجها مطلوبا، في وقت يسير فيه العالم بكامله نحو الرقمنة وإدراجها في مختلف القطاعات العمومية، بفعل الثّورة التي خلقتها هذه الفورة الحديثة”، بتعبيرهم.
“حصيلة ضعيفة”
الطيب الهزاز، باحث في النظم الرّقمية، قال إن “وزارة العدل، بالمُقارنة مع قطاعات حكومية أخرى، يبدو فعلاً أن لديها تصوراً مهمّا لإدخال عنصر الرقمنة ضمن خدماتها”، لافتاً إلى أن “التّأخر الذي يعرفه الانتقال الرّقمي في المغرب، جعل هذا الورش يعرفُ نسبة من التشتت والتفاوت بين وزارة وأخرى، في الوقت الذي كان يتعيّن أن نشتغل بشكل توليفي وتوافقي والتقائي لأجل أن تكون الرّقمنة استراتيجيّة مُعمّمة”.
وأوضح هزاز، في تصريح لهسبريس، أن “غياب مفهوم رسمي واضح للرقمنة مبني على نوع من الحكامة، جعل المغرب دائماً في مراتب جد متأخرة بهذا الخصوص، وحصيلتنا الضّعيفة في هذا المجال ستربك نسبيّا الرّقمنة الشّاملة لقطاع العدالة، رغم التطورات التي راكمها بوسائله الذاتية”، مبرزا أن “الولوج إلى الخدمة الرقمية مازال غير مؤهلا بشكل عام، لكونه لم يسر بالسرعة والوتيرة نفسيهما في مجمل القطاعات”.
ولفت الخبير سالف الذكر إلى أن “الفخ الذي سقطت فيه بعض الدول هو الرقمنة من أجل الرقمنة بدون تهيئة الشروط الأمنية لذلك، لكن في المغرب لدينا حكامة جيدة في القطاع الأمني والعسكري، غير أنه في العمل الحكومي مازلنا نعيش نوعا من الخصاص”، معتبرا أن “إنجاح رقمنة العدالة أو أي قطاع حكومي آخر، يستدعي أرضية رسمية قوية تخول الاستفادة من ثمارها، غير أن التقارير الرسمية تكشف أن ورش الرّقنة مازال متعثراً ويطرح أسئلة كثيرة”.
“مشروع متعدّد الجوانب”
عبد العزيز خليل، باحث في القانون ونظم العدالة، قال إن “الحديث عن رقمنة العدالة يعدّ ورشا مهما ومطلوبا اليوم لتسهيل شروط التقاضي بالانفتاح على مختلف الخيارات المتاحة في هذا الصدد على المستوى العالمي”، مشيرا إلى أن “الأمر متعدد الجوانب يتطلّب تجهيزات لوجيستية وأيضا موارد بشرية واعتمادات مادية مهمة، غير أن الإشكال الذي مازال يؤخر انتقالنا نحو الرقمي هو عدم القدرة على توفير بدائل حقيقية، بما أن الإشكال يتعلق بالموارد البشرية”.
ولفت خليل، في تصريح لهسبريس، إلى أن “رقمنة القضاء مثلاً، ستصطدم بجيل بشري مازال يجد صعوبة في التعامل مع ما هو رقمي، وهناك أيضا من يزدري هذه الرقمية”، مشيراً إلى أن “مختلف القطاعات الأخرى المعنية، سواء القطاعات الوزارية أو المؤسسات العمومية، تظل في مواجهة مشكلة الرقمنة بالمغرب، التي تسير بنوع من البطء الذي لو تجاوزناه لكنا في عداد الدول المرجعية في تسخير الرقمنة لأجل التنمية وخلق فرص الشغل”.
وسجل المتحدث أن “رقمنة القضاء تعد محورية؛ فهي من شأنها أن ترفع من نجاعة المنظومة القضائية من ناحية تصريف العدالة”، مضيفا أن “العنصر الإلكتروني يعدّ أساسيا لتسريع البت في النزاعات وعدم هدر الزمن القضائي وإنهاء الملفات بسرعة بما يضمن الحق في التقاضي والمحاكمة العادلة وحماية حقوق المتقاضين، ورقمنة العدالة ستوفر ظروف عمل مهمة لأسرة القضاء، لكنها مازالت تصطدم بواقع معين”.
المصدر: وكالات