شدد البيان المشترك الصادر عن الدورة السادسة للمنتدى العربي الروسي، الذي احتضنه المغرب على مستوى وزراء الخارجية، على تأكيد الدول المُشاركة، على رأسها المغرب وروسيا، على ضرورة الاحترام الكامل لسيادة الدول واستقلالها وسلامة أراضيها ومواردها الطبيعية وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، إضافة إلى ضرورة احترام مبدأ حسن الجوار والسعي إلى تسوية النزاعات والأزمات القائمة في العالم على أسس سلمية وتفاوضية بعيدا على لغة السلاح والتصعيد العسكري.
مبادئ أكدها سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي على هامش الندوة الصحافية التي عقدها مع نظيره المغربي، ناصر بوريطة، حيث شدد على التزام موسكو بالقانون الدولي وبالشرعية الأممية في تسوية النزاعات الإقليمية والدولية على غرار النزاع حول الصحراء المغربية، والذي جدد دعم بلاده لجهود الأمم المتحدة للوصول إلى تسوية مستدامة لهذا الصراع، مؤكدا تشبث الحكومة الروسية بهذا الموقف الذي يعد مبدئيا في سياستها الخارجية.
وعلى الرغم من العلاقات الاستراتيجية التي تربط الجزائر وروسيا، فإن الأخيرة ظلت ملتزمة بالحياد حيال هذا النزاع المفتعل؛ فيما اتجه هذا البلد الأوروبي، الذي يفرض عليه الغرب حصارا اقتصاديا بسبب حربه في أوكرانيا، إلى تعزيز شراكته الاقتصادية مع المملكة المغربية التي تحافظ بدورها على مواقف متوازنة حيال الأزمة بين موسكو وكييف، على الرغم من علاقاتها التاريخية والاستراتيجية مع الدول الغربية خاصو الولايات المتحدة الأمريكية.
مواقف متطابقة وظروف متشابهة
تفاعلا مع الموضوع ذاته، قال عبد الحميد بنخطاب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن “مواقف كل من روسيا والمغرب هي مواقفة متطابقة على المستوى الدولي في تعاطيها مع عدد من الأزمات الإقليمية والدولية، خاصة فيما يتعلق منها بتأويل وقراءة الرباط وموسكو لمقتضيات ومبادئ القانون الدولي”.
وأضاف بنخطاب أن “المغرب من الدول التي تدافع بحزم وباستمرار عن مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام سلامة وسيادة أرضيها ووحدتها الترابية؛ ذلك أن المغرب بدوره مُعرض ويعاني من محاولات التدخل في شؤونه السيادية من طرف مجموعة من الدول على رأسها الجارة الجزائر”، مشددا على أن “الجنوح نحو الحلول السلمية لتسوية النزاعات كان هو الآخر من ضمن المبادئ التي ظلت ملازمة للسياسية الخارجية المغربية”.
وأشار المتحدث ذاتها إلى أن “روسيا بدورها تدفع في اتجاه تجنب التدخل في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة؛ لأنها هي الأخرى تعتبر أن مجموعة من الدول الغربية الكبرى تدخلت في سياستها الداخلية، على إثر الحرب في أوكرانيا من خلال دعم هذه الأخيرة. وبالتالي، فإن هذا المبدأ تتشارك في كل من موسكو والرباط وتدافعان عنه بقوة”.
وسجل الأستاذ الجامعي، في تصريحه لهسبريس، أن “روسيا ملتزمة بالحياد في النزاعات الإقليمية على غرار النزاع حول الصحراء المغربية، على الأقل على مستوى القانون الدولي؛ غير أنها عمليا متحالفة بشكل واقعي مع الجزائر، على الرغم من الفتور الذي يبدو أنه شاب العلاقات بين البلدين بعد رفض انضمام الدولة الجزائرية إلى البريكس.. وبالتالي، فنحن اليوم أمام إعلان نوايا أكثر منه فعل سياسي روسي مرتبط بالسياسة الخارجية لهذا البلد؛ لكن هذا لا ينفي أن موسكو تحاول النأي بنفسها عن الانحياز لهذا الطرف أو ذاك”.
رؤية موحدة وشرعية دولية
أورد عباس الوردي، أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، قال إن “مخرجات المنتدى العربي الروسي تمثلت أساسا في توحيد الرؤية العربية الروسية حيال مجموعة من القضايا الإقليمية والدولية لتعزيز التعاون ما بين دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والاتحاد الروسي”.
وأوضح الوردي، في تصريح لهسبريس، أن “ما ورد في البيان المشترك من تأكيد على احترام سيادة الدول وتفضيل الحلول السلمية لتسوية النزاعات يتماشى مع تصريح وزير الخارجية الروسي خلال لقائه بنظيره المغربي الذي أكد من خلاله دعم بلاده للجهود الأممية لتسوية النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، ودعمها للحلول السياسية والواقعية لتسوية هذا النزاع، وهي الشروط التي يستجيب لها مخطط الحكم الذاتي”.
واعتبر الأستاذ الجامعي أن “العلاقات المغربية الروسية تتميز بالندية أولا، وبالاحترام المتبادل، وبتطابق المواقف في شأن مجموعة من القضايا؛ أبرزها تعزيز السلم والأمن الدوليين، وبرغبة البلدان في تعزيز تعاونهما على كافة المستويات في أفق رسم معالم النظام العالمي الجديد ومواجهة التحديات الكبرى التي يعرفها العالمي على كافة المستويات”.
وخلص إلى أن “تنصيص البيان المشترك على مجموعة من النقاط ذات العلاقة بالقانون الدولي والتي تسهر الأمم المتحدة على التقيد بها، على غرار الالتزام بالشرعية الدولية والتأكيد على ضرورة احترام أمن الدول وسيادتها على أراضيها ومواردها الطبيعية، يحمل إشارات مهمة على أن روسيا تدعم التوجهات الكبرى للدول العربية؛ على رأسها المملكة المغربية”.
المصدر: وكالات