قال عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، إن اليوم الوطني للصناعة يشكل موعدا متجددا لتثمين المكتسبات وتبادل الأفكار حول الرهانات الوطنية الكبرى والمتغيرات العالمية المهيمنة على القطاع الصناعي.
وأضاف رئيس الحكومة، الذي كان يتحدث خلال الدورة الثانية لليوم الوطني للصناعة ببنجرير، أن الملك محمدا السادس يولي عناية خاصة لهذا القطاع؛ بالنظر إلى مكانته داخل النسيج الاقتصادي الوطني، وباعتباره دعامة أساسية للتنمية الشاملة والمستدامة في بلادنا، على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.
وأورد أخنوش أن العاهل المغربي ذكر، في كلمته الموجهة إلى المشاركين في أشغال الدورة الأولى لليوم الوطني للصناعة، بأن المغرب “سجل، على مدى العقدين الأخيرين، تقدما مهما في القطاع الصناعي؛ بفضل اعتماد الصناعة المغربية لمبدأ الانفتاح الاقتصادي العالمي واستنادها إلى استراتيجيات طموحة وواضحة، نابعة من رؤية مجالية شاملة”.
وشدد على أن هذه الاستراتيجيات الطموحة التي تمت مواكبتها بشبكة من البنيات التحتية الصناعية واللوجستية، على غرار: ميناء طنجة المتوسط الذي يحتل المرتبة الأولى في حوض البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا، وشبكة طرق سيارة تضم 1.800 كيلومتر، إضافة إلى تعبئة أزيد من 13 ألف هكتار من العقار الصناعي، وخلق حوالي 150 منطقة صناعية.
كما أشار رئيس الحكومة إلى مواكبة مختلف الاستراتيجيات الصناعية بإصلاحات هيكلية، بهدف تحسين مناخ الأعمال، والرقي بتكوين الكفاءات من خلال تطوير بنيات تكوينية جديدة، على غرار مدن المهن والكفاءات، والرفع من تنافسية الصناعة الوطنية؛ الشيء الذي مكن من التوفر على رأسمال بشري مؤهل في القطاع الصناعي، تمثل النساء أكثر من 43 في المائة من العاملين فيه.
وزاد متابعا: “اليوم، يحق لنا أن نفتخر بأنه في عهد الملك محمد السادس، وعلى مدى ربع قرن، تضاعف حجم الصناعة الوطنية؛ وهو ما يعكسه، على سبيل المثال، ارتفاع الصادرات الصناعية 6 مرات، حيث انتقلت من 61 مليار درهم سنة 1999 إلى 376 مليار درهم سنة 2023؛ وارتفاع عدد المقاولات الصناعية من 4.500 سنة 1999 إلى ما يقارب 13.000 سنة 2023؛ وارتفاع عدد مناصب الشغل التي يوفرها القطاع من 477.000 سنة 1999 إلى قرابة مليون منصب شغل اليوم”.
وأبرز رئيس الحكومة أن بلادنا تمكنت، في إطار هذه الدينامية، من تعزيز انفتاحها الاقتصادي عبر اتفاقيات للتجارة الحرة، أتاحت الولوج إلى أزيد من 2.3 مليارات مستهلك، مؤكدا “أننا ندرك حجم التحديات التي تواجهها الصناعة الوطنية، التي عانت من انعكاسات توالي الاضطرابات العالمية. ولذلك، عملت الحكومة على بث دينامية كبيرة في القطاع، لاسيما من خلال “بنك المشاريع الصناعية”، وإحداث “صندوق دعم الابتكار”، الذي عرف نجاحا كبيرا منذ إحداثه سنة 2023”.
وأشار إلى إطلاق العديد من المشاريع الهيكلية لمواكبة الفاعلين الصناعيين وتعزيز الصناعة الوطنية؛ على غرار: ميثاق الاستثمار الجديد، والاستراتيجية الوطنية “المغرب الرقمي 2030″، وإخراج القانون المتعلق بآجال الأداء، وخلق 22 منطقة جديدة للتسريع الصناعي بــ 8 جهات، ومنح أزيد من 20 مليار درهم للمقاولات من متأخرات الضريبة على القيمة المضافة، وغيرها…
“ولأنها تمثل أكثر من 90 في المائة من النسيج الاقتصادي الوطني، سيقدم الميثاق الجديد للاستثمار، قال رئيس الحكومة، تدابير خاصة لفائدة المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة؛ وذلك عبر تحفيز الاستثمارات المتراوحة قيمتها ما بين مليون و50 مليون درهم، ومن بينها المقاولات الصناعية”.
وشدد على أن المغرب “يراهن على التحول الطاقي لكسب رهان الإنتاج الخالي من الكربون وتعزيز تنافسية الإنتاج الصناعي، حيث نعمل على ولوج قطاع الهيدروجين الأخضر، من خلال “عرض المغرب”، الذي جذب اهتمام كبار الفاعلين العالميين في المجال، والذي نراهن عليه ليكون أحد المحفزات الرئيسية للانتقال الطاقي والنمو المستدام في المملكة”.
وبفضل كل هذه الإجراءات، وما تنعم به المملكة من استقرار سياسي وتوازن ماكرو اقتصادي، تحت قيادة الملك محمد السادس، قال رئيس الحكومة، أصبح المغرب اليوم وجهة عالمية في عدد من القطاعات المتطورة؛ وهو ما تعكسه العديد من الأرقام والمؤشرات.. فعلى مستوى صناعة السيارات، أصبحت بلادنا أول منتج للسيارات السياحية على صعيد القارة الإفريقية، والمصدر الأول للسيارات الحرارية إلى الاتحاد الأوروبي، علاوة على مضاعفة عدد الصادرات من السيارات بين عامي 2021 و2024.
وأكد أخنوش أن المغرب تمكن، خلال سنة 2023، من تصنيع أزيد من 570 ألف سيارة، يعني تقريبا سيارة في كل دقيقة. كما خطت بلادنا خطوات عملاقة في ما يتعلق بالسيارات الكهربائية، وصناعة البطاريات، من خلال تطوير سلسلة قيمة متكاملة؛ ما مكن بلادنا من التموقع ضمن الخريطة العالمية للدول الكبرى في هذا المجال.
وبالموازاة مع ذلك، أضاف المتحدث ذاته، تشهد الصناعات المرتبطة بقطاع الطيران تطورا متواصلا، يعكسه الارتفاع المتزايد لحجم صادراته، كما استطاع القطاع استقطاب كبار المستثمرين العالميين، في ظل تواجد أكثر من 140 فاعلا دوليا في المجال ببلادنا”.
وأبرز رئيس الحكومة أن المملكة عززت موقعها كفاعل رئيسي في مجالات أخرى؛ على غرار الصناعة الغذائية، والصناعات الكيماوية، والصناعة الدوائية والصيدلانية، وصناعة النسيج والجلد.. من خلال الأدوار المهمة التي قامت بها هذه القطاعات، لاسيما على مستوى التصدير.
وعلى الرغم من توالي الصدمات الاقتصادية، فإن المسؤول الحكومي ذاته استحضر مجموعة من الأرقام الدالة، حيث بلغ متوسط القيمة المضافة غير الفلاحية ارتفاعا بــ 3.6 في المائة سنة 2023، مسجلة نموا بنسبة 3.4 في المائة كمعدل تراكمي منذ 2021، أي بزيادة نقطة على المعدل المسجل خلال الفترة 2014-2021، مضيفا أن الحكومة اليوم على أن تكون الصناعة الوطنية جاهزة لتدشين عهد جديد يتخذ من مفهوم السيادة هدفا ووسيلة.
وختم أخنوش كلمته بالقول إن الحكومة تعول على تطوير أداء القطاع الصناعي باعتباره رافعة أساسية لإنعاش التشغيل المنتج والمستدام، وبكونه يشكل أولوية حكومية، لاسيما أن المؤشرات الأخيرة للقطاع جد مشجعة؛ فخلال النصف الأول من سنة 2024، خلق القطاع الصناعي (بما فيه الصناعة التقليدية) 92 ألف منصب شغل، متجاوزا قطاع الخدمات.
واعتبر رئيس الحكومة أشغال هذه الدورة فرصة سانحة أمام المشاركين لإنضاج الأفكار وطرح مختلف التحديات التي يواجهها القطاع الصناعي؛ لكي تتمكن بلادنا من ربح الرهانات الحالية والمستقبلية، والانتقال إلى مصاف الدول الصاعدة، وتكريس صورة المغرب كمنصة ذات جاذبية للمستثمرين الوطنيين والأجانب.
المصدر: وكالات