يشتكي سكان عدد من الدواوير النائية الواقعة بالجماعة الترابية اثنين أكلو، ضواحي إقليم تيزنيت، على غرار دواوير “الكعدة” و”الخنابيب” و”أنفوذ”، من انعدام وندرة وسائل النقل العمومية؛ وهو ما دفع فعاليات جمعوية بالمنطقة إلى أن تطالب بوضع حد لمعاناة السكان على هذا المستوى، وفك عزلتهم والتفكير في بدائل أخرى لسد الخصاص في النقل الذي يعمق معاناتهم ومشاكلهم لتنضاف إلى جملة المشاكل الأخرى التي يعانون منها؛ كالهشاشة الاجتماعية وضعف البنيات التحتية الطرقية.
وعابت الفعاليات الجمعوية، التي تحدثت لجريدة هسبريس الإلكترونية في هذا الشأن، على المجلس الجماعي لأكلو ما وصفته بـ”ضعف دوره الترافعي” على المطالب التنموية للسكان؛ فقد نظمت فعاليات مدنية، في أكتوبر الماضي، وقفة احتجاجية بمقر الجماعة ارتباطا بهذا الموضوع، في وقت أكد فيه المجلس أن تدبير قطاع النقل لا يدخل من ضمن اختصاصاته، رافضا بذلك الاتهامات الموجهة إليه والتي اعتبرها ذات أهداف “سياسيوية محضة”.
عزلة وتقصير
في هذا الإطار، قال أحمد أفروخ، فاعل جمعوي بمنطقة “الكعدة” الجبلية التي تضم ستة دواوير، إن “مشكل النقل العمومي في جماعة أكلو ما زال قائما ويقض مضجع السكان القاطنين بالدواوير التي وجدت نفسها معزولة عن المركز بسبب هذا المشكل الذي يعد جزءا بسيطا من جملة المشاكل التي يواجهونها”.
وأضاف أفروخ، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الفعاليات الجمعوية وكذا السكان المتضررين أرسلوا مجموعة من المراسلات إلى الجهات المعنية، وخاضوا مجموعة من المحطات النضالية لإسماع صوتهم ورفع مطالبهم؛ غير أن لا شيء تغير”.
وأوضح الفاعل الجمعوي ذاته أن “دواوير الكعدة، على سبيل المثال، محرومة من الحق في التنقل نتيجة الغياب الكلي لوسائل النقل العمومي؛ ما يضطر السكان إلى الاستعانة بأصحاب سيارات النقل السري الذين هم أنفسهم لم يعودوا يرغبوا في نقل السكان من وإلى مدينة تيزنيت بسبب المشاكل التي يواجهونها مع الأمن”، مشيرا إلى أن “السكان القاطنين بهذه الدواوير يعانون الأمرّين أمام انعدام وندرة وسائل النقل العمومي، وعدم إعطاء الفرصة لحافلات النقل المزدوج من أجل تغطية هذا الخصاص”.
وبيّن المتحدث ذاته أن “مشكل النقل في منطقة الكعدة مرتبط بالبنية التحتية وهشاشة الطرق والمسالك المؤدية إلى الدواوير”، معيبا على المجلس الجماعي لاثنين أكلو ما وصفه بـ”التقاعس وغياب الترافع على مشاكل ومصالح السكان لدى الجهات والمؤسسات المعنية، انطلاقا من مسؤوليته في تحقيق التنمية والعدالة المجالية وافتقاره إلى رؤية استراتيجية ترافعية حول المطالب التنموية”، مؤكدا أن “المستوى التنموي والبنيات التحتية في بعض الجماعات القريبة من أكلو أفضل بكثير من نظيرتها بهذه الأخيرة على الرغم من المداخيل المهمة التي تدخل خزينة جماعة أكلو”.
من جانبه، أورد محمد دادصور، فاعل جمعوي بمنطقة “الخنابيب” بالجماعة عينها، أن “سكان دواوير الخنابيب يعانون بدورهم مع قلة وسائل النقل العمومي على الرغم من توفر حافلة وحيدة تابعة للشركة المكلفة بتدبير هذا المرفق؛ إلا أنها غير كافية لتلبية احتياجات المواطنين في التنقل إلى مركز أكلو أو تيزنيت لقضاء أغراضهم”.
وأوضح المتحدث ذاته أن “الحافلة المعنية تكون دائما مكتظة، حيث سبق للجمعيات النشيطة بالمنطقة أن راسلت الجهات المسؤولة في هذا الصدد من أجل ضخ حافلة جديدة في الخط الذي يمر عبر الخنابيب، لاستيعاب طلب السكان المتزايد على خدمة النقل”، مسجلا في الوقت ذاته أن “مشكل النقل في أكلو هو مشكل هيكلي، حيث إن مركز الجماعة نفسه يعاني من هذا الإشكال؛ ما يضطر المواطنين إلى الانتظار لمدد طويلة في الطرق للتنقل إلى هذه الوجهة أو تلك”.
وسجل الفاعل الجمعوي ذاته، في حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية، “تقصير الجهات المسؤولة، وعلى رأسها المجلس الجماعي المنتخب في أكلو، على هذا المستوى”، مضيفا أن “الجماعة لا ترافع بالشكل المطلوب على المطالب الأساسية والحيوية للمواطنين”.
أهداف “سياسوية”
ونقلت هسبريس هذه المطالب والمؤاخذات إلى عبد المالك الديوان، النائب الأول لرئيس المجلس الجماعي اثنين أكلو، الذي قال إن “تدبير النقل ليس من اختصاصات الجماعة، حيث إن اختصاصات هذه الأخيرة بموجب الدستور والقوانين ذات الصلة ينحصر في إمكانية اتخاذ مقررات في دوراتها برفع ملتمس أو الاحتجاج لدى الجهات المعنية”، مؤكدا أن “المجلس الجماعي اتخذ مجموعة من الإجراءات والترافعية ارتباطا بهذا المشكل”.
وتابع بأن “الذين يؤطرون السكان ويجيشونهم ضد المجلس الجماعي عليهم أن يكونوا عند مستوى المسؤولية والدور الذي يلعبه المجتمع المدني ويرشدونهم إلى الجهات والمؤسسات المسؤولة عن تدبير قطاع النقل في الإقليم، على رأسهم المجلس الإقليمي”، مشيرا إلى أن “الذين يلقون بالمسؤولية على المجلس الجماعي يرومون تحقيق أهداف سياسوية ضيقة تتجاوز المصلحة العامة؛ لأنهم على دراية بالقانون والاختصاصات الموكولة لكل جهة، وإذا كان العكس كذلك فهذا مشكل في حد ذاته”.
وأوضح المصرح لهسبريس أن ” المجلس الإقليمي لتيزنيت هو صاحب الاختصاص في تدبير ملف النقل بين الجماعات، كما أن ملف البنيات التحتية الطرقية بالإقليم هو أيضا من اختصاص هذا المجلس؛ غير أننا كجماعة نساهم مكرهين في صيانة الطرق، لأن المجلس سالف الذكر لا يقوم بدوره على هذا المستوى”، مشددا على أن “المجلس الجماعي لأكلو يرافع بقوة وفي صمت عن مصالح السكان”.
وارتباطا دائما بمشكل النقل، أشار الديوان إلى أن “المجلس الجماعي يناقش إدراج نقطة في جدول أعمال دورة أكتوبر المقبلة، تتعلق برخص النقل المزدوج، إذ إن هناك عددا من المواطنين من أبناء المنطقة الذين تقدموا بطلبات للحصول على هذه الرخص؛ إلا أنهم لم يحصلوا عليها بعد.. وهذه مرة أخرى مسؤولية واختصاص حصري لكل من المديرية الإقليمية للتجهيز والنقل، والقسم الاقتصادي بعمالة تيزنيت”.
صيغ جديدة
ولإحاطة الموضوع من مختلف جوانبه، ربطت هسبريس الاتصال بمحمد الشيخ بلا، رئيس المجلس الإقليمي لتيزنيت، الذي أكد أن “هناك تعاقدا بيننا وبين الشركة التي تدبر مرفق النقل بالإقليم؛ غير أن العقد انتهى وتم تجديده لمدة سنة تم خلالها اتخاذ إجراءين أساسيين: الأول يتعلق بإنجاز دراسة من تمويل وزارة الداخلية حول وضع النقل بجماعات الإقليم الـ25، والثاني يتعلق بتأسيس مجموعة الجماعات من أجل إدارة المرافق والخدمات العامة بشكل مشترك”.
وزاد شارحا بأن “اختصاص تدبير ملف النقل سيُنقَل إلى مجموعة الجماعات التي أنشئت وتمت تسمية رئيسها في انتظار استكمال باقي الهياكل، وهي التي ستتولى هذا الملف”، مشددا على أن “النقل مرفق اجتماعي وحق لجميع للمواطنين”.
وبيّن المصرح لهسبريس أن “المجلس الإقليمي بدوره يقوم بدوره الترافعي، وهناك لجنة إقليمية تجتمع مع الشركة التي تدبر قطاع النقل بالإقليم من أجل مناقشة مختلف المشاكل المطروحة وتصدر توصيات يتم تنفيذها”، مؤكدا في الوقت ذاته أن “المجلس يدبر هذا الملف في إطار مرحلة انتقالية، وستكون هناك صيغ جديدة لتدبير هذا المرفق، وستُتخذ مجموعة من الإجراءات والخطوات التي ستعالج مجموعة من المشاكل التي يعاني منها الإقليم”.
المصدر: وكالات