أكدت دراسة حديثة الصدور عن المجلة العلمية “ساينس أدفانس” أن “منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والصحراء الكبرى من المنتظر أن تواجه حملات مكثفة من الجراد بفعل استمرار التقلبات المناخية، خصوصا ظاهرة النينيو، حيث من الممكن أن تؤدي إلى توسيع خريطة هجرة الجراد بين الدول الواقعة في هذا النطاق”.
وأوضحت الدراسة أن “الظروف المناخية المائية لها تأثير كبير على مستوى سلوكيات وحركية الجراد على المستوى الجغرافي، حيث تظل هذه الديناميكية معقدة زمانيا ومكانيا. فعلى سبيل المثال، من الممكن جدا أن تؤدي التقلبات المناخية الحالية، بما فيها ظاهرة النينيو، أي التذبذب الجنوبي، إلى حدوث هجرات ديناميكية لدى الجراد صوب المناطق المذكورة”.
وأشار المصدر ذاته إلى أن “منطقة شمال إفريقيا تعد أكثر نشاطا خلال الفترة الراهنة فيما يخص ظاهرة النينيو، حيث تبقى هذه المنطقة إلى جانب القرن الإفريقي والشرق الأوسط والهند الباكستانية معرضة لحملات مستقبلية من الجراد، حتى ولو انخفضت انبعاثات الكربون بشكل كبير”، مردفا أنه من “المنتظر أن تظهر نقاط ساخنة لهذه الكائنات في المناطق الصالحة للسكن بهذه الأقاليم”.
وذكَرت الدراسة سالفة الذكر أن “المغرب يعد من بين البلدان التي شهدت توزيعا مكانيا غير متكافئ من الجراد في السالف من السنوات، إلى جانب كل من الجزائر والسعودية والسودان وكينيا وموريتانيا والنيجر واليمن؛ ذلك أن هذه الدول بكاملها كانت قد شهدت خلال الفترة ما بين 1985 و2020 موجات مختلفة من الانتشار”.
وبينت الوثيقة نفسها العلاقة بين التغير المناخي وموجات الجراد؛ فحسبها، “تقلب المناخ له علاقة وطيدة بديناميكيته، حيث تؤدي الحرارة المفرطة إلى هطول الأمطار بالمنطقة الأفريقية وشبه الجزيرة العربية. ولذلك، فالمناطق التي تعرف أمطارا غزيرة تكون أكثر عرضة لغزو هذا النوع من الحشرات”، لافتة إلى أن “هذه المناطق ستواجه خطرا متزايدا من وفرة الجراد؛ مما سيزيد من صعوبة مكافحته في ظل مناخ متغير”.
وأفادت دراسة “ساينس أدفانس” بأن “المغرب يعد من بين الدول العشر الأولى في مستوى الحرارة؛ وهو ما يجعل منه بؤرة ساخنة، حيث من المنتظر أن يتأثر بالديناميكية المرتقبة للجراد الصحراوي. وعلى هذا النحو، يظهر كذلك أن قارتي إفريقيا وآسيا على العموم ستتأثران في إنتاجيتهما الغذائية بفعل هذه الديناميكية؛ ما سينعكس سلبا على الأمن الغذائي للعالم برمته”.
وتعليقا منه على الموضوع، قال محمد بنعبو، الخبير في المناخ والتنمية المستدامة، إنه “من غير المستبعد أن تتحقق الفرضيات التي جاءت بها الدراسة، حيث بدأ يتضح شيئا فشيئا أن المغرب يعيش فترة مناخية صعبة، تخللتها موجات مستمرة من الحرارة أثرت بشكل كبير على التوازن داخل المنظومة البيئية الوطنية”.
وأضاف بنعبو، في تصريح لهسبريس، أن “التقلب المناخي يؤدي عادة إلى حدوث حركية ديناميكية لدى عدد من الحشرات والطيور. ولذلك، فالربط بين هذا المعطى والحركية المرتقبة للجراد كما تحدثت عنها الدراسة يبقى واردا؛ فهي مبدئيا تبقى دراسة علمية لها أسس تقنية تقوم عليها ومنهجية اتبعها الواقفون وراءها من أجل تشخيص الموضوع العلمي”.
وأكد المتحدث أن “المخاوف التي تثيرها مثل هذه الاحتمالات هي كونها ترتبط أساسا بالأمن الغذائي الوطني ومن ثم الدولي ككل؛ فتأثيرات ظاهرة النينيو بدت أكثر واقعية”، لافتا إلى أن “التغير المناخي الحاصل على المستوى العالمي ككل أدى إلى تشكل نمط حياة جديد لدى عناصر بيئية متعددة ومختلف عن النمط السابق الذي كان سائدا لديها في الأوقات العادية”.
وخلص الخبير المناخي إلى أن “هذا النوع من الدراسات يجب أن يتم أخذه بعين الاعتبار من قبل المسؤولين بالمملكة؛ من خلال العمل على بيان صحة ما تتحدث عنه، ومن ثم العمل على اتخاذ إجراءات وقائية متناسبة”، مشيرا إلى أن “هجرات الجراد الصحراوي كانت قد شملت، خلال السنوات الأخيرة، دولا عديدة بمنطقة الصحراء الكبرى وغرب إفريقيا”.
ومن أجل إحاطة شاملة بالموضوع، قامت جريدة هسبريس الإلكترونية بالتواصل مع المركز الوطني لمكافحة الجراد الواقع بمدينة إنزكان، على اعتبار أنه المؤسسة الوطنية المكلفة بتتبع هذه الظاهرة؛ غير أنه لم يتم التوصل بأية معطيات في هذا الصدد.
المصدر: وكالات