أفادت دراسة حديثة الصدور بأنه “على الرغم من أن المغرب بلد مسلم وذا أقلية يهودية، كما تؤكد ذلك القوانين والتشريعات الوطنية؛ فإن التحول، الذي عرفه المجتمع مع بروز الثورة الرقمية، كشف عن هويات جديدة وانتماءات دينية أخرى، كالمسيحية واللادينية”.
وحاولت الدراسة سالفة الذكر، المعنونة بـ”التحول الديني بالمغرب.. مقاربة سوسيوقانونية” والمنشورة ضمن العدد الأخير من “المجلة العربية لعلم الترجمة”، تحليل إشكالية القانون والمجتمع ومدى كون هذا القانون “متسما بالثبات في وقت يحفل المجتمع بمظاهر التغير، فضلا عن النصوص القانونية التي لا تزال جامدة وعائدة إلى الفترة الاستعمارية، خصوصا تلك التي تتعلق بالحريات الفردية وحرية المعتقد”.
ولفتت الدراسة إلى أن “الدستور المغربي لا يعبر بوضوح عن حرية المعتقد ولكنه يصرح علنا بأن الإسلام دين الدولة المغربية، مما يُغيّب المقارنة بين الفصل الثالث منه والمادتين 16 من الدستور الإسباني و18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان اللتين تُقرّان بحرية المعتقد”، موضحة أنه “يتقاطع مع الدساتير المغربية التي تربط بين الإسلام ودين الدولة”.
وعادت الوثيقة ذاتها لتعتبر أن “المسيحية في المغرب لا تزال مرفوضة، بينما يحمي الفصل 221 المسلمين في عبادتهم، في الوقت الذي يتطلب بناء مجتمع حديث وديمقراطي مراجعة مضامين الفصلين 220 و267 من القانون الجنائي وإقرار حرية المعتقد”.
وبالعودة إلى مدونة الأسرة، بيّن مؤلف الدراسة أن “مدونة سنة 2004 لم تكن ثورية، بل كانت إسلامية المنزع وأبيسية التوجه، إذ تسمح للمغربي المسلم بالزواج بمسيحية؛ في حين لا تسمح للمغربية المسلمة بالزواج من مسيحية، فضلا على أن المتحولين الدينيين يحرمون من إرث آبائهم بداعي أن الدين الإسلامي يحرم التوارث بين المسلم والكافر”، مسجلا “ضرورة تأسيس مدونة مدنية خاصة بالإرث لا تمنع التوارث على أساسا ديني”.
وأورد المصدر ذاته أن “قانون الأحزاب بالمغرب لا يختلف عن باقي القوانين، حيث يرفض وجود حزب ديني أو عرقي ويرفض وجود أحزاب تمس بالدين الإسلامي والنظام الملكي وتتعارض مع الدستور والوحدة الترابية؛ بينما توجد أحزاب تتبنى الدين الإسلامي في أوراقها السياسية، بما فيها حزب الاستقلال وحزب العدالة والتنمية، بما يشكل عدم استطاعة الحسم مع التراث والحاضر والمستقبل”.
وأشارت الوثيقة سالفة الذكر إلى أن “القانون لا يواكب التحولات التي تطرأ على المجتمع، فهو في نهاية المطاف عبارة عن بنية ثابتة تأخذ حيزا زمنيا طويلا حتى يتسنى لها التغيير؛ بينما نجد أن هذا القانون بالمغرب يعكس اهتمام الأغلبية المسلمة أساسا، وهو ما يحول دون بناء مجتمع تعددي يراعي حقوق الأغلبية المسلمة”.
ولمحت الدراسة ذاتها إلى أن “القوانين المعمول بها اليوم بالمغرب لا تزال تفرض الوصاية على معتنقي الديانات الأخرى غير الإسلام وكذا اللادينيين وجود جمود في هذه القوانين التي لا بد من تعديلها حتى تتماشى مع التحولات التي يعرفها المجتمع المغربي”، مستشهدة في هذا الصدد بكتابات سابقة للمفكر المغربي عبد الله العروي.
المصدر: وكالات