أثار احتراق طبقة الخث (Tourbe) في منخفض تنكارف بإقليم أزيلال جدلاً واسعاً، ما دفع فريقاً علمياً تابعا لجمعية ’’جيوبارك مكون‘‘ لإجراء دراسة شاملة للظاهرة. وقد أظهرت نتائج الدراسة التي أُجريت مؤخراً أن الاحتراق لم يتسبب في مخاطر بيئية أو صحية تذكر، ولكنه يقدم إشارات مهمة تتطلب اتخاذ تدابير وقائية.
تشخيص جيولوجي للمنطقة
استجابة لطلب السلطات الإقليمية، أجرى الفريق مسحاً جيولوجياً شاملاً لمنطقة منخفض تنكارف، الذي يقع ضمن المجال الأطلسي المستقر ويتميز بتشكيلات صخرية صلبة تعود إلى العصر الجيولوجي الثاني. وأوضح أن المنطقة ليست ضمن التشكيلات الكارستية أو البركانية، حيث تمتد طبقة الخث المتضررة على مساحة 1.5 هكتار وبسمك يبلغ حوالي 50 سم، متكونة من مواد عضوية متحللة تراكمت عبر مئات السنين فوق طبقة كلسية ترياسية غير نافذة.
أسباب الاحتراق والتفاعلات الكيميائية
نتيجة لتغيرات مناخية وسنوات متواصلة من الجفاف حتى عام 2024، جفت منابع المياه في المنطقة، مما أدى إلى تشقق طبقة الخث التي تشبه الإسفنج، وهذا سمح بدخول الأكسجين إلى المادة العضوية، ما أدى إلى احتراقها ببطء وإنتاج غاز الميثان، في عملية مماثلة لتلك التي تحدث في مطارح النفايات.
استنتاجات الفريق العلمي
أوضح الفريق أن الصخور المكونة للمنطقة تعود إلى العصر الجيولوجي الثاني مثل الترياسي والجوراسي، ولا تشكل أي خطر بيئي أو صحي. ورغم أن الاحتراق يحدث ببطء وينتج دخاناً أبيض خفيفاً مع كميات قليلة من غاز الميثان، إلا أن المخاطر البيئية تظل محدودة.
توصيات للوقاية
اقترح الفريق مجموعة من الإجراءات الوقائية، منها توعية الأطفال والشباب الذين يزورون الموقع بارتداء الكمامات والأحذية المناسبة لتجنب التعرض للدخان والغازات الضارة، وتوجيه الرعاة لتفادي المنطقة المتضررة، ووضع لافتات تحذيرية للزوار والسكان المحليين تحثهم على عدم رمي السجائر أو إشعال النيران في الموقع، خاصة خلال فصل الصيف.
وأشار الفريق إلى أنه مع هطول الأمطار وعودة الجريان المائي إلى وضعه الطبيعي، من المتوقع أن تعود طبقة الخث إلى حالتها الأصلية.
خاتمة
أكدت الدراسة أن احتراق طبقة الخث في منخفض تنكارف ليس بسبب نشاط بركاني، ولا يمثل تهديداً بيئياً مباشراً. ومع ذلك، فإن توعية المجتمع المحلي واتخاذ التدابير الوقائية المناسبة يظل أمراً ضرورياً للحفاظ على سلامة المنطقة وسكانها.
جدير بالذكر أن الفريق العلمي تشكل من كل من محمد بوتكيوط، دكتور باحث في الجيولوجيا رئيس اللجنة الوطنية للجيوبارك رئيس اللجنة العلمية لجيوبارك مكون نائب رئيس الشبكة الإفريقية للجيومنتزهات التابعة لليونسكو، وعبد اللطيف سهيل، دكتور باحث متخصص في الجيولوجيا البنيوية والتوضعات الرسوبية عضو اللجنة العلمية لجيوبارك مكون، وإدريس أشبال، باحث في سلك الدكتوراه رئيس جمعية جيوبارك مكون عضو اللجنة الوطنية للتربية والعلوم والثقافة عضو المكتب التنفيذي للشبكة العالمية للجيومنتزهات التابعة لليونسكو.
المصدر: وكالات