أكدت دراسة حديثة أن نمط العيش المعتمد على الزراعة نُقل إلى المغرب في العصر الحجري الحديث عبر مهاجرين من شبه الجزيرة الأيبيرية وبلاد الشام قبل حوالي 7400 عام.
نتائج الدراسة التي نُشرت مؤخرا في المجلة العلمية “نيتشر” بُنيت على تحليل الحمض النووي لبقايا بشرية (أسنان/عظام) عُثر عليها في مواقع مختلفة بالمغرب، من بينها “غار الكاف” ضواحي تازة، و”إيفري أوبريد” ضواحي عين اللوح في إقليم إفران، و”الروازي الصخيرات” ضواحي الرّباط.
وأبرز باحثون مشاركون في الدراسة من المغرب وإسبانيا والسويد أن السكان الأصليين بالمغرب كانوا يعيشون في عزلة معتمدين على الصيد لتوفير الطعام إلى ما يقرب من سبعة آلاف وأربعمائة عام.
ويعزّز هذا الطرح، وفق الدراسة، العثور على سلالة أوروبية وشامية ضمن البقايا البشرية سالفة الذكر وبياناتها الجينومية، تزامناً مع وصول نشاط الرّعي في المنطقة، ما قاد إلى اندماج السلالتين مع السكان المحليين خلال العصر الحجري الحديث المتأخر، ما اعتبرها الباحثون “ظاهرة لم يشهدها أي جزء آخر في العالم”.
وتحاول الدراسة سد الفجوات الزمنية في التطور الكرونولوجي للمنطقة المغاربية، وذلك عبر دراسة تطوّر سبل البحث عن الطعام والبقاء، فضلاً عن تحليل الفخار المزخرف واللُقى الأثرية التي عُثر عليها في المواقع ذاتها، وسبق أن عُثر على مثيلاتها في شبه الجزيرة الأيبيرية.
ويشير الباحثون إلى أن التسلسل الزمني المفصل والبيانات الجينومية عالية الدقة التي توصّلوا إليها عبر هذه الدّراسة توفر فهمًا جديدًا لنشاط المنطقة منذ ما لا يقل عن 15000 إلى حوالي 7500 عام.
كما تكشف الدراسة النقاب عن ركيزة جينية غنية ومتنوعة ذات أصل من العصر الحجري الحديث، فضلا عن استمرارية وراثية وعزلة منذ العصر الحجري القديم الأعلى لسكان شمال غرب أفريقيا.
وأشارت الدّراسة إلى أنه رغم المسافة الجغرافية القصيرة نسبيًا بين جنوب أيبيريا وشمال غرب إفريقيا (المسافة الحالية 13 كيلومترًا فقط عبر جبل طارق)، وحقيقة أن كلا المنطقتين كانتا مأهولتين بالسكان لعدة آلاف من السنين قبل العصر الحجري الحديث، لم يختلط سكانهما إلا خلال العصر الحجري الحديث المبكر.
ومع ذلك، يؤكد الباحثون أنه رغم تبنّي بعض السكان المحليين بعض أساليب العيش التي نقلها إلى المنطقة المهاجرون الأوروبيون لم يختلطوا معهم بشكل كامل، وعاشوا على مقربة شديدة في المنطقة في مجموعتين متميزتين وراثياً.
المصدر: وكالات