الإثنين 8 يناير 2024 – 05:00
رصدت دراسة حديثة نشرت ضمن العدد الأخير من مجلة “الدراسات الإفريقية وحوض النيل”، التي تصدر عن “المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية، الاقتصادية والسياسية”، تغير “معالم القبيلة التي تأسست عليها منذ البداية، حيث أصبح اليوم من الصعب جدا تحديد حتى الحدود الجغرافية للقبيلة، ناهيك عن مجمل القيم الاجتماعية التي تأسست عنها والتي اندثرت بشكل مباشر ولم يعد لها أي وجود”.
وأوضحت الدراسة المعنونة بـ”القبيلة بالجنوب المغربي من التضامن إلى الفردانية: قراءة سوسيو-أنثربولوجية في تغير البنيات الاجتماعية والثقافية”، من خلال نموذج قبيلة آيت باعمران، أن كل هذه التغيرات التي لحقت القبيلة كانت بفعل “التحولات التي شهدتها المجتمعات وتدخل الدولة لفرض سلطتها ورقابتها على المجتمعات المحلية نتيجة الأدوار التاريخية التي كانت تقوم بها سابقا”.
وفي تشريحها لطبيعة تأثير التحولات الاجتماعية على البنيات الاجتماعية القبلية وظهور نمط جديد من “الفردانية” بها مقابل الاستغناء عن روح وقيم التضامن في مثل هذه المجتمعات، أشارت الدراسة ذاتها، التي أصدرها محمد دحمان ومعتصم أبو بكر من جامعة ابن طفيل بالقنيطرة، إلى أن “القبيلة ظلت إلى وقت غير بعيد متماسكة ومترابطة في شتى المجالات ولها أيضا قوانين خاصة تطبق على كل من سولت له نفسه الخروج عن هذا المكون”.
وزادت شارحة: “مع توالي الأيام ورياح التغيير الاجتماعي، أصبحت القبيلة أمام هذا التحول هشة، إن صح التعبير، زيادة على ذلك ساهمت العوامل الطبيعية كتوالي سنوات الجفاف والهجرة القروية وتدخل الدولة في شؤون القبيلة ككل، في تقليص مهام هذا الكيان الاجتماعي”.
واعتبرت الوثيقة ذاتها أن “التقليص الممنهج في حق مكون له تاريخ طويل أدى في نهاية المطاف إلى فقدانه لمجموعة من النقط الرئيسية التي كانت محوره، على غرار قيم التضامن التي لم تعد حاضرة بالشكل المعهود، اللهم إذا استثنينا بعض المناسبات الاجتماعية التي تظهر في شكل زيارات ولقاءات موسمية، لتحل محلها ظاهرة الفردانية التي سادت في كل أرجاء المجتمع، بدءا من الأسرة إلى العلاقات الاجتماعية والأفراد”.
ولفتت الدراسة إلى أن “القيم الاجتماعية المستمدة من الدين والعرف والثقافة كان لها دور كبير في الالتحام الذي شهدته قبائل الجنوب المغربي على وجه التحديد، وباقي قبائل المغرب على العموم”، مشددة على أن “هذه القيم كانت هي الضامن الرئيسي لاستمرارية القبيلة بكل فروعها”، مشيرة إلى أن “التحولات الاجتماعية ساهمت بشكل كبير في تغيير هذه القيم، ولعل أبرز ما أنتجته هذه التحولات يمكن ملامسته في الانتقال من الأسرة الممتدة إلى الأسرة النووية بالمجال القبلي المدروس”.
وخلص محمد دحمان ومعتصم أبو بكر في دراستهما إلى أن مجمل التحولات القيمية التي عرفتها القبيلة في الجنوب المغربي كانت نتيجة تدخل الدولة، حيث إنه مع “قيام الدولة الحدية أصبح من الضروري التخلص من هكذا مجتمعات وكل ما يتعلق بها وليكن هناك مجتمع واحد منصهر في ثقافة اجتماعية واحدة”، وهو ما أدى في النهاية إلى “ظهور عوامل اجتماعية أكثر من الفردانية نفسها في مجتمعات تأسست على قيم التضامن والتلاحم”.
المصدر: وكالات