رصدت دراسة بحثية حديثة “ضعف” مساءلة النواب البرلمانيين الحكومة المغربية حول قضايا الصحافة والصحافيين، إذ لا تتجاوز نسبة الأسئلة الكتابية التي طرحوها حول هذه القضايا، خلال النصف الأول من الولاية التشريعية الجارية (2021-2026)، 0,34 في المائة، فيما كشفت تصدر المسائل ذات الصبغة الاجتماعية المواضيع المثارة ضمن هذه الأسئلة.
وكشفت نتائج دراسة “قضايا الصحافة في أجندة النواب البرلمانيين”، الصادرة عن المعهد المغربي لتحليل السياسات، أنه خلال النصف الأول من الولاية التشريعية الحادية عشرة (الحالية)، أي من 18 أكتوبر 2021 إلى 4 أبريل 2024، لم يتجاوز عدد الأسئلة الكتابية ذات الصلة بالصحافة، التي وجهها نواب الأمة إلى الحكومة، 53 سؤالاَ كتابيا، ما يمثل 0,34 في المائة فقط من إجمالي الأسئلة المكتوبة خلال الفترة ذاتها، البالغ 15242 سؤالا.
وبينّت نتائج الدراسة التي أعدها الباحث في قضايا الإعلام والاتصال عبد الله أموش، واطلعت عليها جريدة هسبريس، أن القضايا الاجتماعية تصدرت قائمة المسائل التي أثارها النواب البرلمانيون في أسئلتهم الكتابية بشأن الصحافة، بـ19 سؤالا كتابيا، أي ما يمثل 35,85 في المائة من مجموع هذه الأسئلة، تليها القضايا الاقتصادية بـ14 سؤالا، أي ما يعادل 26,41 في المائة، فالسياسية بـ13 سؤالا كتابيا، تمثل 24,52 في المائة.
ووفق المصدر ذاته فإن القضايا التقنية (3 أسئلة) تمثل 5,66 في المائة من إجمالي أسئلة أعضاء مجلس النواب الكتابية بشأن الصحافة، خلال النصف الأول من الولاية الحكومية الجارية، فيما تذيلت القضايا القانونية والحقوقية القائمة في هذا الصدد، إذ حضر كل صنف منهما في سؤالين كتابين فقط، ما يمثل 3,78 في المئة من المجموع.
وفي تفسيره لغلبة القضايا الاجتماعية على الأسئلة الكتابية المتعلقة بالصحافة استحضر الباحث “المناخ العام المرتبط بالاختيار الإستراتيجي للتوجه نحو الدولة الاجتماعية، وما طبع عهد الملك محمد السادس من الاتجاه نحو التنمية الاجتماعية والبشرية؛ فضلا عما يعيشه قطاع الصحافة من تدهور انعكس مداه على الأوضاع الاجتماعية للصحافيين، بفعل التداعيات التي فرضتها الجائحة على اقتصاد المقاولة الصحافية”.
التمويل والحقوق
مُفصلة في أهم الموضوعات المتصلة بالميدان الصحافي التي استأثرت باهتمام أعضاء مجلس النواب بينت الدراسة أنها متنوعة، غير أنها تصدرها الدعم المالي العمومي، إذ حضر في 12 سؤالا كتابيا، أي 22,65 في المائة، ثم وضعية المقاولة ووضعية حقوق الصحافيين بـ9 أسئلة كتابية لكل واحدة منهما، أي 16,99 في المائة؛ فيما بلغ عدد الأسئلة الكتابية المطروحة من قبل النواب خلال نصف الولاية التشريعية حول بطاقة الصحافة 6، ما يمثل 11,32 في المائة.
في السياق نفسه تذيلت الأسئلة الكتابية التي تناولت موضوع حرية الصحافة قائمة تلك المطروحة بشأن الصحافة المغربية؛ إذ بلغ عددها 4 فقط، أي ما يمثل 7,54 في المائة من المجموع.
وفسّر الباحث عبد الله أموش تصدر موضوع الدعم المالي العمومي أسئلة أعضاء مجلس النواب حول حقل الصحافة بـ”الرغبة في التساؤل عن أوجه صرف الدعم العمومي وشروط منحه لمستحقيه، خصوصا أن بعض الأسئلة توجهت نحو الاستفسار عن حرمان بعض الجرائد الإلكترونية من الدعم”؛ كما يمكن، وفقه، “تفسير حضور موضوعات حقوق الصحافيين ووضعية المقاولة بما يعيشه واقع الصحافة من تحديات، وإشكالية ظروف اشتغال الصحافيات والصحافيين، خاصة في ظل عدم وجود استقرار وظيفي”.
“المعارضة مهتمة”
على صعيد آخر خلصت الدراسة إلى كون المعارضة النيابية “أكثر اهتماما” بقضايا الصحافة، إذ وجهت خلال النصف الأول من الولاية الحكومية الجارية ما وصل إلى 56,61 في المائة (30 سؤالا) من إجمالي الأسلئة الكتابية التي قدمها النواب حول قضايا السلطة الرابعة بالمغرب، فيما بلغت نسبة تلك الموجهة من قبل الأغلبية 39,62 في المائة فقط (21 سؤالا).
وأوضح المصدر نفسه أنه “يمكن تفسير تصدر المعارضة بقوة في طرح الأسئلة المتعلقة بالصحافة بمحاولة جلب اهتمام الصحافة ووسائل الإعلام نحوها عبر إبداء الاهتمام بقضايا الصحافة والإعلام، خاصة في الجوانب المتعلقة بوضعية المقاولة وحقوق الصحافيين”.
غير أن الباحث لفت الانتباه إلى أن “جزءا من الفرق النيابية معنية بقضايا الصحافة باعتبار أن أحزابها تملك منابر صحافية ورقية؛ على سبيل المثال: جريدة بيان اليوم، والبيان: Albayane باللغة الفرنسية، (حزب التقدم والاشتراكية)، وجريدة الاتحاد الاشتراكي، وليبراسيون باللغة الفرنسية (حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية)، وجريدة الحركة (حزب الحركة الشعبية)…”.
“الحكومة تجيب..ولكن”
بشأن مدى تفاعل الحكومة مع الأسئلة الكتابية لأعضاء مجلس النواب ذات العلاقة بالصحافة تبين من الدراسة أنها أجابت عن أغلب هذه الأسئلة؛ إذ بلغ عدد الأسئلة المجاب عنها “28 سؤالا بنسبـة قدرهـا 52.84% من العدد الإجمالي للأسئلة المتعلقة بهذا الجانب، وفي المقابل لم تجب عن 25 سؤالا، أي بنسبة 47.16%”.
وأوضح المصدر ذاته، بخصوص طبيعة الجهة البرلمانية (المعارضة أو الأغلبية) الأكثر تلقيا لإجابات الحكومة على الأسئلة الكتابية بشأن السلطة الرابعة بالمغرب، أن الحكومة أجابت عن 18 سؤالا كتابيا صادرا في هذا الجانب عن مجموعة وفرق المعارض؛ بينما لم تجب عن سؤال طرحه المصدر نفسه.
وفي المقابل، وفقا لما توصل إليه الباحث، “أجابت الحكومة عن الأسئلة الكتابية التي تقدمت بها فرق الأغلبية بنحو 8 أسئلة، بينما لم تجب عن 13 سؤالا؛ وبالنسبة لفريق المساندة النقدية فقد أجابت القطاعات الحكومية عن الأسئلة التي تقدم بها نواب هذا الفريق بنحو سؤالين اثنين”.
المصدر: وكالات