“تأثر المغرب بمنافسة الجيوسياسية في المجال الصحي بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين”، موضوع دراسة جديدة لمجلة “قضايا أسيوية” الصادرة عن المركز الديمقراطي العربي.
تشير الدراسة التي أعدها حمدي أتراس، المختص في القانون العام والعلاقات الدولية، إلى أن “القطاع الصحي أصبح من أهم المرتكزات داخل العلاقات الدولية، وذلك نتيجة الديناميكية التي خلقتها العولمة حول السيادة والأمن الصحي للدول”.
وبحسب المصدر عينه فإن “الصحة أصبحت منفذا للمنافسة الجيوسياسية بين الدول الكبرى، على غرار الصين والولايات المتحدة الأمريكية، خاصة في ما يتعلق بمبادرة الحزام والطريق، إذ سعت بيكين إلى استغلال أزمة جائحة كورونا في الدول النامية قصد تنشيط قطاع الصحة العامة”.
وتشير مجلة “قضايا أسيوية” إلى أن “الطموح الأمريكي لإزاحة الصين من الهيمنة التكنولوجية على المستوى العالمي لم يتجل في المجال الصحي خلال فترة كوفيد 19، على عكس الصين التي استثمرت الأزمة، وبنت شراكات متعددة مع الدول النامية والصاعدة، أهمها المغرب”.
“من خلال اعتماده على سياسة تنويع الشركاء، نجح المغرب في اللعب بذكاء داخل معترك المنافسة بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية خلال فترة كوفيد 19، إذ نجح في الانفتاح على هذا السوق الأسيوي العملاق، متجاوزا حالة ‘ضعف التضامن الدولي’ خلال هاته الفترة الحرجة، إذ كانت جل الدول الغربية نفسها تعاني من الوفيات، ومن نقص الأوكسيجين”، تورد المجلة عينها.
وتطرقت الدراسة سالفة الذكر إلى أن “المغرب اعتمد على سياسة التوجه إلى الجنوب، وإقرار صناعة اللقاحات، عبر استقطاب الشركات الصينية المختصة في هذا المجال، قصد توجيهها إلى الأسواق الإفريقية”، مردفة: “رغم توقف المشروع فإن المملكة تسعى من خلال الخبرة الصينية إلى إقرار صناعة دوائية تسير في الهدف المعلن نفسه، وهو تلبية حاجيات الأسواق بالقارة السمراء”.
ويستدرك المصدر ذاته بأن “المملكة التي تسعى إلى إقرار صناعة دوائية من خلال تنويع الشركاء الدوليين لم تترجم ذلك على المستوى التجاري، إذ مازالت الأسواق الأوروبية المصدر الأول للأدوية لدى المغرب، وهنا الحديث عن إيطاليا وإسبانيا وسويسرا وألمانيا”.
من جهة أخرى يبرز صاحب الدراسة المختص في العلاقات الدولية أن “أزمة كوفيد 19 كانت مناسبة مهمة لفتح نقاش صريح داخل المؤسسات الرسمية المغربية حول مستقبل السيادة الصحية، التي أثارت مسألة إمكانية الاستفادة من الفرص التي تقدمها المنافسة الصحية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، من خلال الاستفادة من الاستثمارات الصينية العملاقة في مجالات البنية التحتية الطبية”.
هذا الأمر، بحسب أتراس، “يأتي في ظل عضوية المملكة في مبادرة الحزام والطريق الصينية، ما يمكن الرباط من اللعب في مركز مريح مع القوى الدولية في المجال الصحي، وذلك خدمة للمتطلبات المتسارعة في ما يخص السيادة الصحية”.
وتخلص الورقة البحثية إلى أن “تحقيق السيادة الصحية بالمملكة يتطلب قراءة المفهوم على ضوء مفهوم السيادة الأوسع، وهو ما يتوفر في الصين التي تعتمد دبلوماسيتها على عناصر قد تمكن الرباط من الوصول إلى هدف تحقيق الأمن الصحي، كما قد تشكل منطلقا لدفع أمريكا هي الأخرى إلى إرساء استثمارات حقيقية في مجال الصناعات الصحية الدوائية بالمملكة”.
المصدر: وكالات