بعد تحذير مجلس الأمن القومي الإسرائيلي رعاياه من السفر إلى المغرب، خرج بنيامين نتانياهو، للمرة الثانية، للظهور أمام خريطة المملكة المغربية مبتورة من صحرائها.
وكان الظهور الأول لرئيس الوزراء الإسرائيلي أمام خريطة المغرب ناقصة خلال إعلان الاتفاق الثلاثي مع الرباط وواشنطن سنة 2020، ورافق ذلك جدل كبير حول نية تل أبيب تجاه قضية الوحدة الترابية، قبل أن تتضح الصورة بشكل كبير بإعلان الاعتراف الإسرائيلي بمغربية الأقاليم الجنوبية، قبل أن تعود للغموض مجددا خلال حرب أكتوبر الجارية على غزة بعد استقبال نتنياهو رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني.
ولم تظهر الخريطة ذاتها خلال استقبال نتانياهو الرئيس الأمريكي جو بايدن، ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، وبذلك يطرح ظهورها بشكل مفاجئ، أمس السبت، تساؤلات عدة حول الرسائل التي تحاول الحكومة اليمينية في تل أبيب إرسالها إلى الرباط، “وهل يأتي ذلك كرد على المواقف الثابتة للرباط تجاه مسألة قصف الشعب الفلسطيني وتهجيره من قطاع غزة؟”.
وكان ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربية، قد شدد إبان انعقاد “قمة السلام” في مصر على موقف المملكة القاضي بضرورة إيجاد جل سياسي يحرص على قيام دولة فسلطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف في حدود يونيو 1967، مع الرفض الكامل لعمليات تهجير الفلسطينيين من أرضهم، وتهديد الأمن القومي للدول المجاورة.
في سياق ذلك، سبق أن عبرت شريحة كبيرة من المغاربة عن “ضرورة وقف مسلسل التطبيع مع تل أبيب، وإغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط، وطرد القائم بأعماله”، تزامنا مع مظاهرات شعبية حاشدة في جل المدن المغربية لدعم الشعب الفلسطيني.
“ليست برسالة والخرائط قديمة”
عينات ليفي، باحثة في معهد “متيفيم” الإسرائيلي للسياسات الخارجية والإقليمية، ترى أن “الأمر بالتأكيد ليس برسالة، بل هناك خرائط قديمة لا تزال موجودة بالمكاتب الحكومية الإسرائيلية، باعتبار أنها لا تتغير في كل لحظة”.
وأضافت ليفي لهسبريس أن “الاعتراف الإسرائيلي بمغربية الصحراء أمر جديد تماما، لذا فهي مسألة وقت فقط حتى يتم تغيير جميع الخرائط”، مشيرة إلى أن “الاعتراف الإسرائيلي بمغربية الصحراء أصبح أمرا حقيقيا بالفعل، وبما أن الصداقة بين البلدين قوية، فمن غير المرجح أن تتغير بهذه السهولة”.
واعتبرت المتحدثة عينها أن “القضية الحاسمة، المطروحة على الطاولة في الوقت الحالي، تمتد إلى ما هو أبعد من العلاقات الثنائية بين المغرب وإسرائيل؛ إذ تشمل عملية السلام الأوسع في المنطقة بأكملها، وفي ظل التحولات العميقة في التحالفات الإقليمية وتوازنات القوى، يقع على عاتق كل من في المنطقة مسؤولية رفع صوته بوضوح من أجل معالجة كافة المسائل المتعلقة بالصراع، والعودة إلى طريق السلام والمصالحة”.
“المغرب لم يستجْد الاعتراف الإسرائيلي”
من جانبه، اعتبر لحسن أقرطيط، خبير في العلاقات الدولية، أن “المملكة المغربية لم تستجد الاعتراف الإسرائيلي بمغربية الصحراء، باعتبار أن هذا الموقف يحمله المنتظم الدولي بنفسه، ما يعني أن تل أبيب انخرطت بنفسها في المد الدولي الحاصل”.
وأضاف أقرطيط لهسبريس أن “الاتفاق الثلاثي بين الرباط وتل أبيب وواشنطن، كان هدفه بناء شراكة استراتيجية مبنية على زيادة التعاون الاقتصادي، خاصة بين المغرب وإسرائيل، وذلك استجابة للتحديات الإقليمية”، مبينا أن “التطورات في غزة علقت هذا الاتفاق، خاصة وأن الرباط نددت بشكل واضح بما تقوم به إسرائيل في غزة”.
“غير أن الموقف المغربي لن يدفع بحكومة تل أبيب إلى الإضرار بالعلاقات مع المغرب، خاصة وأنها تعلم أن الرباط من الدول الأكثر أهلية لحل هذا النزاع طويل الأمد”، يقول المتحدث ذاته.
ولفت الخبير في العلاقات الدولية إلى أن “استمرار التصعيد الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية لن يساعد في بقاء العلاقات مع الرباط في مستويات متقدمة، بل قد يدفع إلى إلغاء الاتفاق الثلاثي، لأن المملكة واضحة في مسألة القضية الفلسطينية، والضرر بالشعب الفلسطيني غير مقبول وطنيا، أما الرجوع إلى طاولة الحوار وتجاوز سياسية القتل، فسيمكن من بقاء العلاقات في سير التطور”.
المصدر: وكالات