اعتبر خبراء أن النسيج الاقتصادي المحلي لبؤرة زلزال الحوز والمناطق المحيطة بها بجهة مراكش آسفي سيتأثر “نسبيا” بسبب تداعيات هذا الحادث الأليم على اقتصاد هذه المناطق الذي يعتمد بشكل كبير على السياحة والفلاحة، مؤكدين أن “المغرب قادر على تجاوز كل هذه التداعيات بسرعة” شريطة إقرار إجراءات من شأنها “دعم النشاط الاقتصادي للمناطق المتضررة واستعادة الساكنة المحلية إمكانياتها ومساهمتها في الدورة الاقتصادية”.
في هذا الصدد، قال بدر زاهر الأزرق، خبير اقتصادي، إن “الأقاليم المحيطة بمراكش تقع في حوضي تانسيفت الحوز وأم الربيع، وهذه المنطقة لديها مجموعة من عوامل الجذب الاقتصادي، خاصة فيما يتعلق بخدمات السياحة، حيث تعتبر مراكش الآن في صدارة المواقع السياحية الجاذبة، وهي كذلك معروفة بأحواضها الفلاحية الكبرى، وبالتالي فإن المنطقة كانت تشهد تمركزا سكانيا كبيرا”.
وأضاف الأزرق أن “المنطقة قريبة كذلك من مجموعة من الأحواض الفوسفاطية وكذا الصناعات الاستخراجية التي تنشط أساسا بالمنطقة”، مشيرا إلى أن “هذه الكارثة سيكون لها أثر على البنية التحتية السياحية، خاصة في المناطق القروية.. ولحسن الحظ لم تكن مراكش في بؤرة الزلزال، والتأثير كان تأثيرا جانبيا؛ وهو ما يمكن تداركه بسرعة، خاصة أن مراكش كانت خلال الأسابيع الماضية عبارة عن ورش مفتوح من أجل استقبال اجتماعات مجلس البنك لدولي وكذا صندوق النقد الدولي”.
ولفت المتحدث عينه إلى أن “هذه الإصلاحات التي تشهدها المدينة ستتحول إلى عمليات إعادة إصلاح شامل؛ غير أن المناطق خارج المدينة فهي مع الأسف كانت تعاني أساسا من ضعف البنية التحتية والهشاشة والفقر، وسوف تشهد تضررا سيستدعي تدخلا من الحكومة من أجل تسطير برنامج لتجاوز الآثار السلبية للزلزال على الساكنة وكذا تسطير برنامج تنموي من أجل إخراج المنطقة من عزلتها سواء على مستوى البنية التحتية أو على المستوى الاقتصادي”.
وخلص المتحدث عينه، في تصريح لهسبريس، إلى أنه “عموما، فإن تأثير الزلزال سيكون محدودا جدا؛ لأن اقتصاد المنطقة يعتمد على السياحة التي من الممكن أن تتعافى في الأشهر المقبلة، كما يعتمد على الفلاحة التي تأثرت أساسا بالجفاف الذي ضرب المنطقة لسنوات متتالية. وأظن أن هذا الأمر كذلك يمكن تجاوزه في حالة وجود سنة ماطرة؛ ولكن بشرط أن يكون هنالك دعم للساكنة المحلية من أجل استعادة إمكانياتها والانخراط مجددا في الدورة الاقتصادية”.
من جهته، قال البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتدبير المخاطر، إنه “في غياب أرقام دقيقة لحجم الخسائر التي ألحقها زلزال الحوز فإنه من الصعوبة بمكان تحديد التوقعات الدقيقة للخسائر الاقتصادية لهذا الحادث وتداعياتها على الاقتصادين الوطني والمحلي”، مشيرا إلى أن ذلك “يخضع لعوامل عديدة؛ مثل قوة الزلزال، والمناطق المتأثرة، وتركيبة الاقتصاد المحلي، والقدرة على التعافي”.
وأضاف البراق، في تصريح لهسبريس، أنه “رغم ذلك فإنه من المتوقع أن يتأثر الاقتصاد الوطني نسبيا وبشكل خاص النسيج الاقتصادي بالمناطق التي شكلت بؤرة الزلزال، خاصة على مستوى العديد من القطاعات على غرار القطاع السياحي وقطاع النقل والخدمات”.
ولفت المتحدث عينه إلى أنه “لمواجهة التأثيرات الاقتصادية المرتقبة فإن المملكة المغربية اتخذت العديد من القرارات الاستباقية والاستشرافية بهدف إعادة الإعمار وتسريع وتيرة التعافي عن طريق وضع ﺑرﻧﺎﻣﺞ اﺳﺗﻌﺟﺎﻟﻲ ﻹﻋﺎدة ﺗﺄھﯾل وﺗﻘدﯾم اﻟدﻋم ﻹﻋﺎدة ﺑﻧﺎء اﻟﻣﻧﺎزل اﻟﻣُدﻣرة ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﻣﺗﺿررة ﻓﻲ أﻗرب اﻵﺟﺎل؛ وهو ما سيكلف بالتأكيد اعتمادات مالية مهمة”.
وخلص إلى أن “الدولة ستعمل، بالتأكيد، في مرحلة مقبلة، على إعادة بناء البنية التحتية المتضررة مثل الطرق والجسور والمباني العامة والمنشآت الحيوية على غرار المستشفيات والمدارس وفقًا لمعايير السلامة والاستدامة وتوفير التمويل والدعم لأصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة الذين تضرروا من الزلزال، حيث سيساعد هذا الدعم على إعادة بناء الأعمال ودعم النشاط الاقتصادي في المناطق المتضررة”.
المصدر: وكالات