إثر إعلان شركة “LG-CHEM” الكورية الجنوبية، في بيان لها، عن توقيع صفقة مع المغرب لتزويده بأجهزة لتحلية مياه البحر، في شكل 18 ألف غشاء تناضح عكسي، ستستخدم لتحلية 90 مليون طن من مياه البحر سنويا في مركب الجرف الأصفر الذي يُديره “المكتب الشريف للفوسفاط”، دعا خبراء إلى الانفتاح على التجارب الدولية في التكنولوجيات والصناعات في مجال التحلية، والاستثمار في الكفاءات الوطنية لتحقيق “السيادة التكنولوجية”.
وذكر البيان ذاته أن “كمية المياه المحلاة من طرف الشركة على المستوى العالمي تبلغ 5,1 مليون طن يوميا، أي ما يُعادل 1,86 مليار طن سنويا، وهي كمية تكفي لأكثر من 46 مليون شخص استنادا إلى متوسط الاستهلاك اليومي للفرد”، مشيرا إلى أن “الأمم المتحدة تتوقع أن يعتمد 14 في المائة من سكان العالم على المياه المحلاة للاستخدام المنزلي بحلول عام 2025”.
انفتاح دولي وصناعة وطنية
في هذا الإطار أورد عبد الرحيم هندوف، خبير في السياسات المائية، أن “تقنية التناضح العكسي تعتمد على استعمال أغشية يُسلط عليها ضغط قوي لتنقية مياه البحر من الشوائب والأملاح وتحويلها إلى مياه صالحة للشرب أو لاستعمالات أخرى”، موضحا أن “المغرب يجب أن ينوع مصادره وشركاءه في ما يتعلق بتوريد التكنولوجيات المستعملة في هذا المجال”.
ولفت الخبير ذاته إلى أن المملكة ملزمة بـ”البحث عن مصادر أقل كلفة وأكثر جودة، مع الحرص على ضمان التزود بقطع الغيار المرتبطة بهذه الصناعة؛ كما أن عليها أن تنفتح على مختلف التجارب الدولية الرائدة في هذا القطاع، على غرار التجربة الكورية، لكن في أفق خلق تكنولوجيا وطنية”.
وشدد المتحدث على ضرورة “تشجيع البحث العلمي الوطني وإحداث مراكز للبحث والتكوين، وأخذ الخبرة عبر الانفتاح على مختلف التجارب للتحكم في تكنولوجيا تحلية مياه البحر، وخلق صناعة وطنية على شاكلة ما تم في مجال صناعة السيارات”، مضيفا: “المغرب لديه موارد بشرية مهمة من مهندسين وتقنيين يجب تشجيعهم والاستثمار فيهم، بل وإرساء منظومة وطنية للبحث في استعمالات المياه”.
وخلص هندوف في تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية إلى أن “تحقيق السيادة الصناعية والتكنولوجية في هذا المجال، واستغلال الإمكانيات الطبيعية والبشرية والطاقية التي يزخر بها المغرب، وتشجيع الشباب والأطر المتخصصة، ينبغي أن تكون من الأهداف الأساسية لأي إستراتيجية وطنية أو شراكات دولية في هذا الصدد”.
تجربة رائدة ورهان على البحث والتكوين
من جانبه قال فؤاد الزهراني، باحث في علوم البيئة والتنمية المستدامة، إن “كوريا الجنوبية من الدول الرائدة في مجال تحلية مياه البحر بتقنية التناضح العكسي، غير أن المشكل في هذه الأخيرة هو أن هذه الأغشية تكون لها مدة صلاحية معينة، وبالتالي تحتاج لصيانة دورية”، مشيرا إلى أن “الكوريين طوروا أغشية تدوم لمدد طويلة، فيما البحث العلمي متواصل في هذا البلد بهذا الخصوص”.
وأضاف الزهراني، في تصريح لهسبريس، أن “هذه التقنية مطلوبة بقوة خاصة في دول الخليج التي عقدت شراكات واتفاقات مع الحكومة الكورية لتعزيز التعاون وتبادل التجارب والخبرات على هذا المستوى”، مشددا على أن “تعاون المغرب مع دول لها سمعة جيدة في مجال التحلية بحجم كوريا الجنوبية يضمن جودة المنتج المائي النهائي، كما أنه سيستفيد من خدمات ما بعد البيع في إطار صفقات مع شركات من أجل ضمان الصيانة المنتظمة”.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن “الرباط مُطالبة بتعزيز التعاون مع سيول على هذا المستوى، والاستفادة من خبرات الشركات الكورية التي تشتغل في مجال تحلية مياه البحر وصناعة التكنولوجيا المرتبطة به في إطار اتفاقيات أو صفقات”، مردفا بأن “العقود المبرمة في هذا الشأن يجب أن تنص على الاستفادة من عروض تكوين للكوادر المغربية من أجل تحقيق الاستقلال الذاتي والتخلص من التبعية للخارج، دون أن نُهمل أهمية البحث العلمي وتطوير التعاون البيني والتبادل الطلابي في هذا المجال”.
وخلص الباحث ذاته إلى أن “الشركات الكورية تحظى بسمعة جيدة على المستوى العالمي ارتباطا بتكنولوجيا تحلية مياه البحر، وعقدت شراكات مهمة مع مجموعة من الدول”، مشددا على أن “المغرب يُطل على واجهتين بحريتين قادرتن على توفير الأمن المائي للبلاد، إلا أن تحقيق الاستقلالية سواء على المستوى التقني أو على المستوى البشري مهم أيضا، وهذا يمكن أن يتأتى بالانفتاح على التجارب الرائدة في هذا المجال والاستفادة من خبراتها وتجاربها في هذا الصدد”.
المصدر: وكالات