أجمع خبراء وأكاديميون على أن الدولة في المنطقة العربية تعيش مجموعة من التحديات والأزمات المركبة والبنيوية، داعين إلى إعادة النظر والتفكير في أزمة الدولة في المنطقة العربية لتطوير فكرها في مختلف أنماط وأشكال التغيير المعاصر.
جاء ذلك في ندوة احتضنتها الكلية متعددة التخصصات بتازة، أمس الخميس، ناقشت موضوع “الدولة في مواجهة الأزمات، حالة المنطقة العربية”، وشارك فيها عدد الأساتذة والباحثين المغاربة والعرب.
وفي مداخلة بالمناسبة قال إدريس قسيم، أستاذ العلاقات الدولية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس، إن “الدولة في المنطقة العربية تحتاج إلى تطوير فكرها في مختلف أشكال وأنماط التغيير المعاصر، المرتبطة بإشكالات الأمن والاستقرار والتنمية والاقتصاد والثقافة، وغيرها من المعضلات التي تواجه العالم برمته”.
واعتبر قسيم أن “الأزمات المركبة التي تعيشها المنطقة العربية تتجاوز الطابع الوظيفي للدولة، إذ تطال شرعية الدولة وهويتها وتعريفها وتشكلها، وهو دليل على أنها أزمات بنيوية”، مؤكدا أن “المنطقة العربية مجال جغرافي يعيش حالة من التدهور المزمن بسبب إخفاق الدولة في مواجهة أزماتها”.
وتابع الأستاذ ذاته موضحا بأن “انهيار القانون والحقوق وعدم القدرة على حماية المواطنين وتلبية حاجياتهم ورغباتهم، ناهيك عن ضعف الكيان الذي يمثل الدولة خارج حدودها، ما هي إلا تجليات ومظاهر لاختلالات بنيوية، وهي في حالة الدولة العربية متعددة ومتنوعة”.
كما شدد قسيم على أن “أبرز هذه الاختلالات في الدول العربية تتمثل أساسا في شيوع العنف المنظم والعداوات المهيكلة والتوترات المزمنة، وهو ما يزكي التصدعات التاريخية الكبرى التي بقيت متجذرة في المنطقة”.
وأكد المتحدث ذاته أن المنطقة العربية بحكم تاريخها وخصوصياتها الثقافية والسياسية والاجتماعية “ظلت حاضرة في قلب التطورات والأحداث العالمية، وما فتئت أحداثها توجه أهم المنعطفات التاريخية الحاسمة التي لا يمكن إلغاء أو تجاوز ارتداداتها وتداعياتها حتى اليوم”.
من جهته، أورد سلمان بونعمان، أستاذ الحقوق بالكلية متعددة التخصصات بتازة، في مداخلة ألقاها بالمناسبة تحت عنوان “الدولة الوطنية ومعضلة العنف”، أن “دراسة وتحليل العنف ومحاولة فهم ظاهرة التطرف الديني بخلفيات سياسية أو العنف المسيس برهانات ودوافع دينية قد ركزت على الأبعاد النفسية والاجتماعية والسياقات السياسية، لكنها أهملت قضية تأثير الدولة ونموذجها السياسي في مدى تنامي العنف والتطرف أو تقليصه”.
وأضاف بونعمان: “نحتاج إلى تطوير أدوات وأفكار لفهم دولة ما بعد الاستعمار، بعيدا عن المركزية الغربية التي طالتها انتقادات شديدة”، مبرزا أن الأمر “يقتضي إدراك أنماط العنف المضادة التي تؤججه”.
ودعا المتحدث ذاته إلى “التمييز بين فهم العوامل المؤدية إلى تطرف فكري ينتقل بعد ذلك إلى عنف مادي وعمليات مسلحة، ومواجهات ودعوات انفصالية، وما بين العوامل الفكرية والدينية التي تؤسس للظاهرة العنفية المتطرفة، وما بين عوامل محرضة تسهم في تسريع وتيرة ظهور العنف وانتشاره”.
المصدر: وكالات