من الأسماء الحكومية التي قد تعلَق بقوة بذاكرة المغاربة السياسية العصية على النسيان، لا سيما في التشكيلة الحكومية الحالية (منذ أكتوبر 2021)، يسطع نجم واسمُ خالد آيت طالب، وزير الصحة والحماية الاجتماعية.
لأن لكل شيء من اسمه نصيبا وافرا، كما يؤكد المثَل العربي، فإن أضخم ورش اجتماعي عرفته المملكة في تاريخها المعاصر هو “الحماية الاجتماعية” -التي تظل محط توجيهات وتتبع شخصي صارم من الملك- لم يُلحق عبثا -أو بالاسم فقط- بقطاع الصحة في الهندسة الحكومية الحالية؛ بل لأن نجاح الثانية رهين وجوبا بإصلاح المنظومة الصحية عبر قانون إطار يُسجل التاريخ “مرافعات” الوزير آيت طالب عن تسريع إقراره وتنزيل تفاصيله.
فضلا عن حيازته “شرف” تنفيذ الحماية الاجتماعية كورش يسير وفق المخطط له، نال البروفيسور في تخصص “الجراحة الباطنية” إعجاب وإشادة كثيرين بعد “خرجات متتالية” لا سيما في غرفتي البرلمان، تعترف بالمشاكل وتقول “الحقيقة” للمغاربة دون لف ولا دوران؛ خاصة عند حديثه عن أزمة “الخصاص” في الأطر الصحية وصعوبة الحد من هجرة الأطر والأطباء إلى الخارج، مشيرا إلى “إزالة العراقيل من القانون المنظم لمهنة الطب بما يشجع الكفاءات الصحية الأجنبية على القدوم إلى المملكة والاشتغال فيها، مع وجوب تعزيز جاذبية القطاع العمومي مثل نظيره الخاص”.
وسط حوارات اجتماعية قطاعية “متعثرة” بعدد من الوزارات والمؤسسات العمومية، تفطن وزير الصحة مبكرا إلى أهمية “فضيلة الحوار” مع شغيلة وزارته، مبادرا إلى فتح قنوات الحوار مع نقابات القطاع واستباق أي تصعيد بخلاف التعليم، مع “تحركات” غير فاترة على المستوى الدولي.
واستبق الوزير ذاته “توتر الملفات المطلبية للفئات العاملة بهذا القطاع”، في ظل زيادة منسوب الاحتقان بالتزامن مع الاحتجاجات التي يخوضها موظفو التربية الوطنية ضد مضامين النظام الأساسي الجديد، مستدعيا النقابات على عجل لاجتماع تدارس مباشرة الملفات المطلبية ذات الأثر المالي لمهنيي الصحة بالمغرب مع “أهمية النهوض المهني والوظيفي والمادي بالعنصر البشري كدعامة أساسية للنهوض بالمنظومة، خاصة مع إصلاحات شمولية للمنظومة الصحية تلقي بظلالها على الشغيلة الصحية.
“وزارة الصحة لا تتعامل بمنطق الفئوية”، قال آيت طالب، مؤكدا “ألا فرق لديها بين طبيب وممرض وتقني ومتصرف أو إداري، وأنها تدافع عن حقوق جميع الفئات، نظرا لحجم الرهان اليوم “إنجاح تنزيل الورش الملكي المتعلق بإصلاح المنظومة الصحية”.
كما يُحسَب للمسؤول الحكومي عن ثاني قطاع اجتماعي مهم بعد التعليم قوله إن “الحقوق يوازيها بالضرورة حديث عن الواجبات”، مشيرا إلى أن “ذلك ما يتم العمل به في إطار مقاربة تشاركية مع الفرقاء الاجتماعيين منذ بداية إصلاح المنظومة”؛ بينما انصب التداول، في ثاني جولات الحوار، حول “مضامين النظام الأساسي للوظيفة الصحية، في إطار تنزيل القانون المتعلق بـ”المجموعات الصحية الترابية” التي لم يخل منها حديث آيت طالب في كل مناسبة؛ ما يعني إسنادَه للقول بالفعل.
وعلى الرغم من ضخامة الغلاف المالي المخصص للحوار الاجتماعي بين الحكومة ونقابات قطاع الصحة، الذي انطلق قبل نهاية عام 2023، البالغ 22 مليارا و800 مليون درهم، لتغطية المطالب المالية للشغيلة الصحية، فإن آيت طالب بدَا واعيا بأهمية تحسين الوضعية المادية والمهنية لشغيلة الصحة بخلاف زميله في الحكومة شكيب بنموسى.
وعكس هذا الأخير الذي هَوى به “التدبير المرتبك” لأزمة النظام الأساسي في التعليم، في خانة النازلين بـ هسبريس، يستحق المدير الأسبق للمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس (الذي يعد أول من أدخل النظام المعلوماتي إلى المستشفيات بالمغرب، إضافة إلى نظام التوزيع الأوتوماتيكي للأدوية داخل المستشفى) الصعود في بورصة “الطالعين” على هسبريس، بعد أن ارتفعت أسهم الرجل بقوة منذ تدبيره الناجحة لأزمة “كورونا”.
المصدر: وكالات