لم ينتظر حُماة المستهلك كثيرا، بعد تأكيد مهنيي معاصر زيت الزيتون لجريدة هسبريس الإلكترونية أنها ستصل موائد المغاربة بسعر 110 دراهم للتر الواحد هذه السنة، للتحذير من كون “التهاب” أثمنة هذه المادة الحيوية سيدفع نحو زيادة ممارسات الغش التي يُقدم عليها مُوردون لهذه المادة استغلالاً لتطلعات عدد من المغاربة محدودي ومتوسطي الدخل نحو الحصول عليها بأرخص ثمن ممكن.
ورغم أن حُماة المستهلك، الذين تحدثوا لجريدة هسبريس الإلكترونية، أكدوا أن أثمنة زيت الزيتون الأجنبي، المُرتقب أن تلج السوق المغربية بقوة هذه السنة، بعد قرار الحكومة إيقاف استيفاء الرسوم الخاصة باستيرادها، ستتأرجح غالبا بين 70 و85 درهماَ، فإنهم يستبعدون الطرح القائل إن “هذه الأثمنة المنخفضة ستساهم في الحد من الغش في المنتوج المحلي، على اعتبار أنها ستجعل المستهلك المغربي غير مضطر إلى شرائه بأثمنة منخفضة بصرف النظر عن جودته”.
وأوضح هؤلاء أن “أغلب المستهلكين المغاربة في نهاية المطاف لا يمتلكون ثقافة الإقبال على زيت الزيتون المعلب ويشترون حاجياتهم منه من الأشخاص الذين يقومون بعصر الزيتون في معاصر ليس مضمونا دائما أنها تراعي شروط السلامة الصحية للمستهلكين”.
وفي هذا الإطار قال بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك، إن “ارتفاع ثمن زيت الزيتون إلى 120 درهما سيفتح الباب على مصراعيه أمام لجوء الكثير من المنتجين إلى الغش في هذه المادة الحيوية بشكل كبير، من خلال الممارسات الاحتيالية وعلى رأسها الخلط بزيت المائدة”، مُؤكدا أن “لجوء المغرب إلى فتح الباب الاستيراد أمام مادة زيت الزيتون لن ينهي هذه الممارسات نظراً لكون أغلب المستهلكين المغاربة يتفادون اقتناءها معلبة”.
وأوضح الخراطي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه “رغم كون ثمن اللتر الواحد من المنتج المستورد لن يتجاوز 85 درهما على أقصى تقدير، فإن الإقبال عليه بكثرة ليس مرجحا، على اعتبار أن المستهلك المغربي عادة ما يُفضل المنتج “البلدي” ودأب على البحث عن “الهمزة”، وهو ما يجعل، للأسف، كثيرا من المهنيين المفتقرين إلى الحس الوطني يستغلون تعطش المستهلك لمنتج محلي بأرخص ثمن لأجل الغش وعدم إيلاء أي اعتبار لصحة المواطنين”.
وتابع قائلا: “زيت الزيتون غير المعلب، الذي يستهلكه أغلب المغاربة، مجهول المصدر وغير صالح للاستهلاك، فهو من ناحية مغشوش، ومن ناحية أُخرى به نسب حموضة عالية، مما يجعل صحتهم مهددة بعدة أمراض خطيرة، على رأسها التشمع الكبدي”.
ودعا المغاربة إلى “الإقبال على المنتج المعلب، مستوردا كان أو محليا، لأنه يكون موثوقا به وخاضعا لمراقبة وزارة الصحة والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا)”. وطالب مستوردي زيت الزيتون الأجنبي “بالقيام بحملات ووصلات تحسيسية من أجال إقناع المستهلكين المغاربة بجودة وسلامة هذه المنتجات، فضلا عن ثمنها المراعي لقدرتهم الشرائية”.
وديع مديح، رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات حماية المستهلك، أوضح بدايةَ أن “الغش في زيت الزيتون ممارسة حاضرة بقوة حتى حينما كان ثمن هذه المادة الحيوية لا يتعدى 30 درهما، ومن المستبعد أن تقل وتيرة الغش في هذه السنة نظراً لأن عدم إيلاء كثير من المستهلكين أهمية لمصدر ما يستهلكونه يجعل الكثير من بائعي هذه المادة لا يقيمون أي اعتبار للجودة أو معايير السلامة الصحية”.
وأضاف مديح، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الإشكال يتمثل في كون عدد الأشخاص الذين يشترون الزيتون ويقومون بعصره في المعاصر، ثم إعادة بيعه للمستهلكين، ولا يمكن بأي حال أن نقول إن جميع هؤلاء لديهم حرص على إيصال منتج صحي وذي جودة عالية إلى المواطنين”، مُشيرا إلى أن “أغلب زيت الزيتون المعروض في السوق الوطنية مصدره مجهول، ويتم عصره في أماكن لا تتقيد بالإجراءات القانونية التي تضمن الاستجابة لمعايير السلامة الصحية”.
وَاستبعد رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات حماية المستهلك بدوره أن “يُساهم استيراد زيت الزيتون في الحد من ممارسات الغش في المنتوج المحلي، مشيرًا إلى أن ذلك سيُجنب المستهلك المغربي البحث عن منتج رخيص، والذي غالبًا ما يكون سببًا في وقوعه ضحية للاحتيال”، مُبرزا أن “المُنتج المستورد إذا كان ذا جودة ويتوفر على معايير السلامة، وكانت كُلفة استيراده منخفضة، سيساهم في خفض ثمن المنتج المحلي فقط”.
وتابع قائلا: “بالمقابل في حال ما كان ثمن المنتج المستورد مرتفعا، نظراَ لكون كلفة استيراده مُرتفعة، سوف تبقى الأسعار على حالها، ولن يلقى إقبالاً من قبل المستهلك المغربي، مما سيدفع الموردين إلى خفض الثمن أو الاحتفاظ بالمخزون في نهاية المطاف”.
وشدد مديح على ضرورة “تملك المستهلك المغربي ثقافة اقتناء جميع المنتجات الغذائية من أماكن معروفة تتوفر فيها المعايير التي تضمن الحفاظ على صحته، وأن تكون هذه المنتجات مرفقة بلصيقة توضح مصدرها وكل المعطيات المرتبطة بإنتاجها”، مُشيرا إلى أن “هذا لا يعني أن كل منتج يضم لصيقة فهو صحي وسليم، ولكن أخذ توفرها من عدمه بعين الاعتبار يبقى من أهم إجراءات الحيطة والحذر الضروريين”.
المصدر: وكالات