تواترت حوادث انقلاب حافلات نقل المسافرين خلال الأشهر المنصرمة بالعديد من المحاور الطرقية، مما أعاد الجدل بشأن مدى توافر الأمن الطرقي في البلاد إلى واجهة النقاش العمومي رغم القوانين المتراكمة في عهد الحكومات السابقة.
وارتفع عدد حوادث السير التي ارتكبتها حافلات نقل المسافرين خلال الأسبوعين الماضيين، الأمر الذي طرح العديد من التساؤلات بخصوص أسبابها والطرف المسؤول عنها، في الوقت الذي تتوفر فيه المملكة على منظومة تشريعية وقانونية غنية.
وبالنسبة إلى مهنيي النقل الطرقي، فإن مسؤولية حوادث السير تعود إلى المنظومة القطاعية ككل، إذ أجمعوا، في تصريحات متطابقة لهسبريس، على أن بعض المحاور الطرقية “الخطيرة” تساهم في ذلك، بالإضافة إلى ظروف اشتغال السائقين المهنيين وعدم تطبيق القوانين.
في هذا السياق، قال الرحماني الجيلالي، الكاتب العام للنقابة الوطنية للنقل الجماعي للأشخاص، إن “الأمر لا يعود إلى الحالة الميكانيكية لحافلات نقل المسافرين بعدما أصبحت جل المحطات الطرقية تتوفر على حافلات عصرية لا يتجاوز عمرها عشر سنوات”.
وأضاف الجيلالي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “مسببات حوادث السير تتنوع بين بعض الطرقات الخطيرة غير الصالحة للسياقة بسبب المنعرجات الجبلية، وعدد ساعات العمل في اليوم”، مورداً أن “الموضوع يتطلب فتح نقاش عمومي جديد”.
بدوره، أكد مصطفى شعون، الكاتب العام الوطني للمنظمة الديمقراطية للنقل واللوجستيك متعددة الوسائط، أن “الحافلات لا تكون سبب الحوادث في غالب الأحايين، وإنما تعود الوقائع المفجعة إلى عدم تطبيق قوانين مدونة السير بصفة عامة، نظراً إلى ضغط المقاولات النقلية على السائقين المهنيين”.
وأوضح شعون أن “السائق المهني يفترض أن يكون أجيرا لدى المقاولة النقلية، وبالتالي ينبغي التصريح به لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لكن الباطرونا القطاعية تتهرب من مسؤوليتها القانونية والاجتماعية، ما يجعل هذه الفئة الهشة تعاني في صمت، فتكون مجبرة على العمل في ظروف قاسية”.
وأردف المهني ذاته بأن “السياقة المهنية بالمغرب ما زالت موضوع نقاش حقيقي نتيجة عدم تفعيل المراقبة وقلة باحات الاستراحة ببعض المحاور الطرقية الوطنية، وكذا منح شواهد التكوين للسائقين دون حضورهم الدورات التكوينية، مما يجعل الوزارة الوصية على القطاع تتحمل مسؤولية الفوضى القائمة”.
لذلك، دعا المتحدث إلى “اعتماد الجهاز الرقمي الذي يقيس زمن السياقة وأوقات الراحة بطريقة أوتوماتيكية دون تدخل الإنسان، بالموازاة مع تشديد الصرامة في مراقبة الحالة الميكانيكية للحافلات، وتكثيف حملات التحسيس من طرف الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية في المحطات الطرقية”.
المصدر: وكالات