على الرغم من مرور قرابة 13 سنة على صدور دستور 2011 وتنصيصه على أن تأخذ الدولة المبادرة من أجل تحقيق المناصفة بين النساء والرجال، وانصرام حوالي 3 ولايات حكومية، إلا أن “هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز” لم يكتب لها أن ترى النور بعد.
ولا تزال النساء المغربيات ينتظرن بفارغ الصبر إخراج هذه الهيئة إلى حيز الوجود، في وقت انخرطت الدولة في تعديل مدونة الأسرة بعد 20 سنة على إقرارها، حيث تمني هؤلاء النسوة النفس بأن تكون سنة 2024 سنة مفصلية يتم فيها تعزيز حقوق النساء ضمن المدونة وتخرج فيها الهيئة إلى العلن، وهو الأمر الذي طرحت بخصوصه البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة الزهراء التامني، سؤالا كتابيا على رئيس الحكومة.
ونص دستور المملكة في فصله التاسع عشر على مبدأي المناصفة والمساواة تجاه النساء في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أسوة في ذلك بالرجال، وعلى تأسيس الهيئة، وأعاد الفصل 164 من الوثيقة الدستورية التأكيد على ذلك.
وسبق لوزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، عواطف حيار، أن أعلنت في أكتوبر 2022 أن “رئيس الحكومة راسل القطاعات والهيئات المعنية من أجل تقديم مرشحيها لشغل عضوية هيئة المناصفة إلى جانب المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة”، بينما لا تزال النساء ينتظرن خروج هذه الهيئة إلى العلن، مادام أن القانون المنظم لعملها سبق أن صدر بالجريدة الرسمية.
وجود الهيئة مهم
عائشة الحيان، رئيسة اتحاد العمل النسائي، قالت إن “التعجيل بإخراج هيئة المناصفة ومحاربة أشكال التمييز يظل مطلبا أساسيا للحركة النسائية بالمملكة، خاصة وأن القانون المنظم لهذه الهيئة صدر بالجريدة الرسمية في أكتوبر 2017، فمن المنتظر أن تشكل هذه الهيئة ضمانة أساسية لتعزيز حقوق النساء وتفعيل مبدأي المساواة وعدم التمييز”.
وأضافت الحيان، في تصريح لهسبريس، أن الهيئة “من المنتظر أن تنطلق في عملها من خلال المهام التي خصها بها المشرع، بما فيها إبداء الرأي في جميع القضايا ومشاريع النصوص القانونية وتقييم السياسات العمومية، فضلا عن رصد وتتبع أشكال التمييز التي تعترض النساء في مختلف المجالات وتحد من استفادتهن من حقوقهن الدستورية”.
ولفتت المتحدثة إلى أن “عمل هذه الهيئة كمؤسسة وطنية مهم جدا لما سيوفره من معطيات ودراسات وأبحاث حول التزام الدولة بكل مؤسساتها بمبدأي المساواة والمناصفة وعدم التمييز لفائدة النساء”، مبرزة أن “جل التشريعات ذات الصلة بحقوق النساء تتضمن مقتضيات تمييزية، وقد أصبحت متجاوزة، بل مخالفة للدستور، مما يتعين معه ملاءمتها مع مقتضياته ومع التزامات المغرب الدولية، بما في ذلك مدونة الأسرة والقانون الجنائي وقانون الجنسية”.
صمام أمان لحقوق النساء
أمينة التوبالي، باحثة في قضايا المرأة، أكدت “ضرورة التعجيل بإخراج هذه الهيئة التي نص عليها الدستور منذ 13 سنة تقريبا، إلى حيز الوجود، حيث سيمكن وجودها من التطبيق السليم لمقتضيات الفصل التاسع عشر من دستور المملكة، كما سيساعد في إنصاف النساء المغربيات في مجموعة من المجالات وتمكينهن من مناصفة عادلة مع الرجال”.
وبيّنت التوبالي، في تصريح لهسبريس، أن “الهيئة ستكون مؤسسة من شأنها مراقبة مختلف التشريعات الوطنية ومدى احترامها لمبدأي المناصفة وعدم التمييز ضد النساء، احتراما لروح الدستور، بالنظر إلى تعرضهن للتمييز بعدد من القطاعات؛ فعلى سبيل المثال، لا يتمتعن بالأجور نفسها التي يتقاضاها الرجال في القطاع الخاص، فضلا عن كون ذويهن لا يستفيدون من معاش بعد وفاتهن، على الرغم من كون النساء والرجال يمارسون المهام نفسها”.
وشددت المتحدثة على أن “تنزيل الهيئة على أرض الواقع يعد خطوة في اتجاه مراقبة احترام دستور المملكة وضمان حقوق النساء الدستورية، إلى جانب كونها ستمكن من تقييم وتحديد المرحلة التي وصلنا إليها في تمكين النساء من مناصفة حقة وعادلة، حيث سجلنا خلال السنوات الأخيرة تراجعا في هذا الإطار”.
تنزيل للدستور
بدورها، سميرة موحيا، رئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء، أفادت بأن “المطالب بإخراج هيئة المناصفة ومحاربة أشكال التمييز إلى حيز الوجود لا تزال قائمة لدى نساء المغرب، بالنظر إلى أهميتها في تعزيز مكانتهن داخل المجتمع المغربي، حيث تنضاف هذه المطالب إلى مطالب أخرى بتعديلها، وليس تفعيلها كما صادق عليها البرلمان”.
وأكدت موحيا، في تصريح لهسبريس، أن “تفعيل وتعديل الهيئة واجبان بشكل يتلاءم مع منطوق الفصلين 19 و164 من الدستور المغربي، وذلك من خلال تمكينها من آليات المراقبة والتتبع ورصد التمييز والاقتراح وتفعيل المساواة”، مسجلة “وجوب أن تكون هذه الهيئة ذات اختصاصات واضحة ويكون لها رأي في مختلف التشريعات والقوانين والسياسات العمومية بالبلاد”.
المصدر: وكالات