بعدما وعد الوزير عبد اللطيف وهبي، خلال الأسبوع الماضي بمدينة فاس، بأن يكون ضمن نسخة القانون الجنائي الخاضعة لورشات التعديل حاليا تشديدٌ حازم للعقوبات في حق المتورطين في أعمال اغتصاب، خلق الأمر آمالا جديدة لدى الحركة الحقوقيّة المغربية، وضمنها النّسائية، بأن “النضالات التي تأطرت طيلة العقود الفارطة يبدو أنها صارت تجد طريقها إلى القانون”.
الناشطات النسائيات والفاعلات الحقوقيات دخلن مباشرة على خطّ تصريحات وهبي، واعتبرن أن “تشديد العقوبات على الجناة في قضايا الاغتصاب أمر مطلوب بإلحاح في الواقع”، لكن “مع إعادة نظر شاملة في فلسفة القانون الجنائي في ما يتعلق بهذه الجريمة، من خلال وضع حاجيات تكمّل تشديد العقوبات، لأجل تضييق الخناق على المغتصبين وضمان عدم إفلاتهم نهائيا من العقاب”.
حصار مرتقب
فتيحة شتاتو، المحامية وعضو فدرالية رابطة حقوق النساء، قالت إن “وزارة العدل وما تذهب في اتجاهه سيجد ممانعة قوية من طرف التيار المحافظ، وسيحاصر عبد اللطيف وهبي، لكن خلخلة المجتمع هي السبيل إلى خلق نقاش حقيقي تشارك فيه كل الأطراف للخروج من لغات الغموض التي تلفّ موضوع الاغتصاب”، موضحة أن “كل مساس بجسد الآخر يجب أن يكون اغتصاباً ومجرّما بموجب القانون، وليس فقط الإيلاج”.
وأكدت شتاتو، في تصريح لهسبريس، أن “التشديد يستدعي مراجعة شاملة لجرائم الاغتصاب وهتك العرض وإدراجها في جريمة واحدة، وهي الاعتداء الجنسي، واعتماد تعريف يتوافق مع المعايير الدولية يشمل كل الاعتداءات الجنسية بغض النظر عن شخص مرتكبها وشخص الضحية ونوعية الوسيلة المستعملة في ذلك”، وزادت موضحة: “لابد أن تكون جلسات الجرائم المتعلقة بالاغتصاب سرية ومغلقة”.
ولفتت المتحدثة ذاتها إلى أنه “من الضروري إسقاط وسائل الإثبات، لكون قانون العقوبات الحالي ينص على ضرورة أن تثبت المغتصبة أنها تعرضت للاغتصاب بدون رضاها، مع العلم أن الجريمة تتمّ في فضاءات تكون في الغالب خالية أو مغلقة”، مؤكدة أن “الخطوة تستدعي أيضاً تصحيح وسد العديد من الثغرات التي تساعد المغتصب كي يفلت من العقاب، وأن تكون هناك عقوبات حقيقية ومشددة”.
وأفادت الناشطة النسائية والحقوقية بأن “العقوبات يجب أن تتلاءم مع طبيعة الفعل الجرمي، لأنه ليس سليما أن نشدد العقوبات حين تكون المغتصبة متزوجة أو قاصرا، لكن لا نقوم بذلك حين تغتصب المرأة العازبة، فهذا تمييز لا يمكن خوض التشديد دون التعامل معه”، مضيفةً: “يجب أيضاً نسف اللغة التمييزية من قبيل ‘مواقعة رجل لامرأة’، وأن ينص القانون على العناية الواجبة بضحايا الاغتصاب نساء أو أطفالاً”.
لا إخصاء ولا إعدام
كريمة رشدي، عضو ائتلاف 490، قالت إن “الاتجاه إلى تشديد العقوبات إلى أقصى حد ممكن هو مبادرة جيّدة، لكن شرط أن يتمّ تأهيلها بمجموعة من الإجراءات على المستوى الذّهني والسّلوكي، مثل التّحسيس وتمكين المغتصبين المعتقلين من الدعم النفسي، لكون العديد من الجناة يقترفون جرائم أفظع بعد خروجهم من السجن”، مشيرة إلى أن “وزارة العدل يجب أن تجتهد في تجريم الاغتصاب الأسري كذلك”.
وأوردت رشدي، في تصريحها لجريدة هسبريس، أن “هذا النوع من الاغتصاب الذي يتم في إطار أسري يجب أن توضع له أيضا عقوبات قاسية ورادعة، لكونه مسكوتا عنه ويعتبر ‘طابو’ وشكلاً من العار عند العديد من الأسر المغربية، كما يتمّ فيه تحميل المسؤوليّة للضّحايا كما اتّضح من خلال شهادات كثيرة وردت للائتلاف”، وأكدت أن “كل هذه الجرائم، رغم فداحتها، لا تجعلنا نطالب بالإخصاء أو الإعدام”.
وأوضحت الفاعلة المدنية ذاتها: “الكثيرون يرفعون هذه المطالب، لكننا لا نستطيع ذكرها، لأن مرجعيّتنا الأولى هي حقوق الإنسان، ولا يمكن أن نقابل جريمة بأخرى”، مشيرة إلى أن “العقوبات المتعلقة بالاغتصاب والاعتداءات الجنسيّة يجب ألاّ تدخل إطلاقاً في إطار العقوبات البديلة، وأن يتم وضعها حسب درجة خطورة كل جريمة وتبعاتها، ولكن أن يكون الأصل هو التشديد في كل حالات وملابسات أي جريمة من هذا النوع”.
المصدر: وكالات