في “حضرة البوح”؛ اختار عبد الرحمن بن زيدان الإرهاب موضوعا للكتابة المسرحية، قائلا إن “الكتابة بالإبداع يمكنها أن تستحضر هذا العالم التراجيدي وفق رؤيتها وموقفها من كل الوقائع وكل غاياتها هي التمسك بزمن الوعي بمكونات تريد بها امتلاك الوعي الحقيقي بعالمها، حتى تدب الحيوية في فعل تغيير هذا العالم بما يوافق كل قيم الإنسان التي بدّدتها كل الأفكار الإظلامية، التي توظف كل شيء من أجل مسخ الجميل (…) ومحو الأنقى في الحياة”.
تطلب هذا النص المسرحي الاقتراب من موضوع الإرهاب و”عالمه الممكن، الناطق بحيوية التفاعل، بحذر، مع كل اقتراب ممكن ومستحيل من عالم مهندسي الإرهاب لمعرفة مؤهلاتهم العدوانية، المسخرة لصناعة هذا الإرهاب”.
وكتب بن زيدان عن “المعاناة الملتهبة في الذات، والمنطفئة ظاهريا في الواقع، تحت تأثير التمويه الذي تمارسه الموانع، والتحريمات، والقوانين خادمة مصالح من له منفعة في إشعال الحرائق في العالم مدعوما بما تمارسه وسائل الإعلام المحصنة بالقوانين التي لا تريد أن ترى الإبداع حيا يفكر في عالمه”.
وتمسك بن زيدان بدور الكتابة التي تمكنه من معرفة “ما يضمره واقع هذا العالم، وما يبطنه في ممارسته السياسية، والاقتصادية، والثقافية”، وبدورها كبوح بالموقف.
انطلق هذا العمل من قناعات حول العالم المعاصر، وما فيه من “البيع والشراء، والاتجار بالقيم، وتبادل المصالح”؛ حيث “يُبرمج زعماء العولمة، والمتجبرون، والدكتاتوريون، والوسطاء، والمتسلطون مخططاتهم ليضعوا قيمهم الخاصة كأغلال توضع في عقول الشعوب، وتلف أعناقهم، وأيديهم لترويج الترهات والأكاذيب”.
وتطرق الكاتب إلى “صناعة الإرهاب”، و”زمن العولمة” الباحثة عن نصرها واستمرارها وأتباعها، والإمبرياليات الجديدة المستحوذة على خيرات الفقراء “حتى ولو اختلفت أيديولوجياتهم، ولغاتهم، وعقائدهم؛ لأن الظمأ الشديد للكسب الثمين يبقى هو السياسة الخفية التي تريد أن تشبع حاجياتها لتبقى هي السلطة القوية المتحكمة”.
وتتشابك في هذا النص الظاهرة الإرهابية وموضوع المرأة، و”تمثلها هنا الطبيبة (العروف)”، ويرافقها “قرينها المدافع عن حقوق الإنسان (العريف)”، القادمين من “معرفة نقيضهما (قزح الشيطان وأبناؤه) الرمز في النص الذي لا يحيل على نفسه فقط، بل يحيل على العالم الذي يريده أن يكون موجودا وفق هواه، ووفق ما تمليه عليه مصالح المهيمن عليه الذي هو صانع ومهندس الشر والإرهاب في العالم”.
وتابع بن زيدان: “هذه المرأة (العروف) بمعرفتها لنقيضها (قزح) ستقوم بفضحه، وبعملها ستختصر أوجاع كل حالات النساء وبوحهن الذي يمزج القلق بالأمل في العيش، حتى يداوين جروحا تطهرهن بالتفاؤل من أدران واقع صار عنيدا وظالما، ومجحفا لا يرتفع لأنه واقع مستبد وقاس يعتدي على الكرامة حين يتجبر، وهو يفتري كذبا عن المرأة والرجل والمجتمع للحد من شكل وجودهما، ولاسيما حين يشعر بقوتهما الفكرية واضحة، فيلجأ إلى صناعة الأتباع، والمريدين، والأشباح، لتشويه الأديان بفكره المشوه”.
المصدر: وكالات