بدأ حزب الأصالة والمعاصرة تسخيناته في مواجهة التيار الإسلامي الممثل في حزب العدالة والتنمية من قلعته إقليم الرحامنة، مشهرا ورقة مدونة الأسرة للدفاع عن التيار الحداثي.
ووجه حزب “الجرار”، من خلال قيادته الجديدة، انتقادات إلى غريمه السياسي “البيجيدي”، على ضوء النقاش الدائر حول تعديل مدونة الأسرة، إذ قال صلاح الدين أبو الغالي إن هذا النقاش “وإن كان صحيا وإيجابياً على وجه العموم، فإنه لم يخل من الاصطياد في المياه العكرة من طرف بعض الخصوم السياسيين، الذين عمدوا بعد أن تبين لهم أن حجتنا هي الأحق، ولله الحجة البالغة، إلى تأجيج النقاش والتحريض على العنف الرمزي والتهديد بالاحتجاجات، وهذا لا يستقيم مع أدبيات الحوار العمومي ومبدأ النقد البناء والاحتكام إلى آلية المؤسسة التشريعية كتعبير عن الإرادة الشعبية. وهذا يعني أنهم فشلوا في إقناع المغاربة بمشروعهم الماضوي”.
ويرى أستاذ القانون الدستوري رشيد لزرق أن حزب الأصالة والمعاصرة يحاول تقديم نفسه بكونه المواجه لقوى التدين السياسي عبر نقل الخلاف بين القوى الحداثية والمحافظة في بعض النقط، وإعمال الاجتهاد وفق مقاصد الدين برؤية حداثية تحاول تجاوز العوائق دون الاصطدام بالنص.
ولفت لزرق الانتباه، في تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن “البام” يحاول من خلال هذه المعركة “العودة إلى الساحة السياسية من موقع قوي وتجاوز مخلفات قضية “إسكوبار الصحراء””.
وأضاف أن “حزب الأصالة والمعاصرة يحاول من خلال هذه الخرجة التأكيد على مشروعه الحداثي في إطار الثوابت الوطنية، بمعنى أنها ليست حداثة متطرفة على الطريقة الفرنسية”.
وأردف أن “الحزب يسير في إطار تعديل المدونة في إطار التوجيه الملكي وإمارة المؤمنين، الذي أكد فيه الملك قائلا: “لن أحل ما حرم الله، ولن أحرم ما أحل الله”، لاسيما في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية”.
من جهتها، أوضحت المحللة السياسية شريفة لموير أن الاختلاف الحاصل اليوم حول التعديلات المزمع اجراؤها في بعض مضامين مدونة الأسرة “يحمل لمسة سياسية، خاصة لدى حزب العدالة والتنمية، الذي يحاول استمالة المواطنين واللعب على عواطفهم، أكثر من أن يكون اختلافا جوهريا، وهذا ما يؤكد مواصلة “البيجيدي” هجومه في هذا الموضوع، خاصة مع اقتراب آجال تقديم مشروع هاته التعديلات”.
وأكدت عضو “مركز شمال إفريقيا للدراسات والبحوث وتقييم السياسات العمومية” أن خروج “البام”، من موقعه كشريك داخل الأغلبية الحكومية، بالرد على موقف العدالة والتنمية من تعديلات مدونة الأسرة “يوضح تبني الحزب خط التيار الحداثي في مواجهة التيار المحافظ الذي يمثله “البيجيدي””.
وتابعت قائلة إن الخروج، الذي قام به صلاح الدين أبو الغالي، عضو القيادة العامة الجماعية من معقل الحزب بالرحامنة، “يظهر رسالة “البام” إلى “البيجيدي”، التي توضح موقع وقوة الحزب اليوم في مقابل العدالة والتنمية، الذي يجهر بمزايدات في ظل واقع نكسته، التي أصبح من خلالها ممثلا بمجموعة نيابية داخل مجلس النواب”.
واعتبرت لموير أن “هجوم القيادة الجديدة للأصالة والمعاصرة على ردود “البيجيدي” السابقة لأوانها أكبر من أن يكون خط مواجهة، فالواقع أن “البيجيدي” اليوم في مرحلة ضعف، خاصة بعد نكسته الأخيرة في المحطة الانتخابية، لذلك فكل خرجاته اليوم هي محاولات لحشد دعم المواطن المغربي”.
المصدر: وكالات