يشتكي الصناع التقليديون والحرفيون المغاربة المقيمون بتونس من “الوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب” الذي يمرون به، والذي أثّر بشكل سلبي على أنشطتهم في هذا البلد المغاربي ويهدد استمراريتها أمام ما يعتبرونه “إقصاء” من الاستفادة من البرامج الحكومية الموجهة إلى الصناع التقليديين والتي أطلقتها كل من الحكومتين المغربية والتونسية.
وكانت فعاليات المجتمع المدني المغربي بتونس قد وجهت مراسلة إلى وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصادي الاجتماعي والتضامني حول هذا الموضوع، توصلت جريدة هسبريس الإلكترونية بنسخة منها، طالبت من خلالها بـ”النهوض بأوضاع الحرفيين المغاربة، والعمل على الرفع من أداء ورشاتهم؛ من خلال إقرار برامج ملائمة، ووضع آليات لتوسيع الاستفادة من الاتفاقيات والبرامج الوزارية الموجهة إلى الصانع التقليدي المغربي”.
في هذا الصدد، قال عبد الله الجوهري، صانع تقليدي مغربي بتونس، تخصص الخزف، إن “الصناع التقليديين والحرفيين المغاربة في تونس يواجهون مجموعة من الصعوبات التي تؤثر على مردودية ورشاتهم الحرفية”، مضيفا أن “هذه الصعوبات يُضطر معها الصانع التقليدي إلى بيع منتجاته قبل استكمالها إلى بعض الشركات والمعامل التونسية التي تكملها وتضع عليها علامتها الخاصة؛ في حين أنها تعود بالأساس إلى صانعها الأصلي، مع ما يعنيه ذلك من سطو واستغلال لمجهود الصانع المغربي”.
وأوضح المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن “غياب الدعم والتمويل هو الذي أفضى إلى هذه الوضعية التي لا تخدم الصناعة التقليدية المغربية بالخارج، وتهدد وجودها وديمومتها باعتبارها رمزا ثقافيا مغربيا”، مشيرا إلى أن “البنوك التونسية وكذا الديوان الوطني للصناعة التقليدية بتونس لا يمنحان قروضا وتمويلات أو مساعدات للصناع التقليديين المغربيين، إذ تشترط التوفر على بطاقة وطنية تونسية”.
ولفت الصانع التقليدي عينه إلى أنه “حصل على بطاقة الحرفي من المغرب؛ غير أنه لا يتم الاعتراف بها في تونس خلال المشاركة في المعارض وغيرها من التظاهرات ذات العلاقة بالمجال”، مطالبا في الوقت ذاته بـ”رد الاعتبار للصانع التقليدي المغربي في تونس وإقرار امتيازات تمويلية لصالحه، خاصة على مستوى القروض البنكية التي توفرها المؤسسات البنكية المغربية الموجودة في الأراضي التونسية”.
من جانبها، قالت مليكة عميرات، خياطة مغربية مقيمة بتونس منذ أكثر من عقدين، تخصص القفطان المغربي: “نواجه كصناع تقليديين، في الآونة الأخيرة، مجموعة من المشاكل، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها تونس والعالم ككل”، موردة أن “من بين هذه المشاكل غياب الدعم من السلطات التونسية والمغربية، حيث يجد الصانع نفسه غير معترف به من أية جهة؛ وهو ما يؤثر على عمله، وأيضا على تنافسية منتوجات الصناعة التقليدية المغربية في الخارج”.
وزادت شارحة: “بينما يسعى الحرفي المغربي إلى تمثيل بلاده في الخارج أحسن تمثيل من خلال تعريف العالم بالصناعة التقليدية المغربية فإن تحقيقه لهذا الهدف تعتريه مجموعة من الصعوبات والعراقيل المتعددة التي تكبح تطوير معارفه وأنشطته ومواكبة التطورات التي تشهدها صنعته”، معتبرة أن “من بين المشاكل الكبرى مشكل التمويل، أضف إلى ذلك مشاكل أخرى خاصة غلاء تذاكر السفر ما بين المغرب وتونس والتي تتجاوز قدرة الحرفي المغربي؛ بالنظر إلى وضعه الاقتصادي الهش، حيث إن الحرفي ملزم بالتردد على المغرب على الأقل مرتين من السنة من أجل مواكبة التطورات التي تشهدها حرفته على المستوى الوطني ونقلها إلى الخارج”.
وأشارت الحرفية المغربية ذاتها، في تصريح لهسبريس، إلى “ضرورة النهوض بوضعية الحرفي والصانع التقليدي وتشجيع مشاركته في المعارض والتظاهرات الثقافية الكبرى في بلد إقامته من أجل إبراز المنتجات المغربية ؛ ذلك أن الأمر مرتبط أساسا بصورة المغرب بالدرجة الأولى، قبل أن يكون مرتبطا بالحرفي نفسه”.
ويتقاسم مجموعة من الصناع التقليدين والحرفيين المغاربة في تونس وفي مختلف التخصصات والمجالات، والذين تحدثت معهم جريدة هسبريس الإلكترونية، الهموم والمشاكل والمطالب نفسها؛ فيما أوضح مصدر مسؤول بمؤسسة دار الصانع، التابعة لوزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، في حديث مع هسبريس، أن “الاستفادة من البرامج القطاعية والحكومية الموجهة إلى الصانع التقليدي المغربي تقتضي أولا التسجيل في السجل الوطني للصناعة التقليدية، ثم الإقامة في المغرب”.
المصدر: وكالات