أعلنت جمهورية ناغورني قره باغ، المعلنة من جانب واحد، الخميس، أنها “ستزول من الوجود” في نهاية العام، بعدما منيت بهزيمة عسكرية من أذربيجان دفعت أكثر من نصف سكانها إلى الفرار، منهية بذلك حلم الاستقلال.
وأصدر سامفيل شهرمانيان، الزعيم الانفصالي للإقليم، مرسوما يأمل بحل جميع مؤسسات الدولة بحلول نهاية العام قائلا إن ناغورني قره باغ “ستزول من الوجود” اعتبارا من يناير 2024.
وصدر المرسوم بعد دقائق من إعلان يريفان فرار أكثر من 65 ألف شخص من ناغورني قره باغ إلى أرمينيا.
ويبدو أن الستار أُسدل بذلك على واحد من أكثر “النزاعات المجمّدة” طولا في العالم والذي بدت تسويته مستعصية، حيث فشلت الإدارات الأمريكية المتعاقبة على غرار المسؤولين الأوروبيين في حلّه في جولات متواصلة من المحادثات؛ غير أن الإعلان فاقم الغضب في يريفان.
اتّهم نيكول باشينيان، رئيس الوزراء الأرميني، الخميس، أذربيجان بتنفيذ حملة “تطهير عرقي” في ناغورني قره باغ، مؤكدا أنه لن يبقى أي أرمن في الإقليم “في الأيام المقبلة”.
وقال: “يشكّل ذلك تطهيرا عرقيا حذّرنا المجتمع الدولي منه منذ مدة طويلة”.
وانتهى الهجوم الأذربيجاني الخاطف بهدنة في 20 شتنبر تعهّد فيها الانفصاليون الأرمن بتسليم أسلحتهم والدخول في محادثات بهدف “إعادة دمج” ناغورني قره باغ.
وأُجريت جولتان من المحادثات؛ فيما عملت القوات الأذربيجانية، بشكل منهجي مع قوات حفظ السلام الروسية، على جمع أسلحة الانفصاليين ودخول بلدات ظلّت خارجة عن سيطرة باكو منذ القتال الأول بين الطرفين في المنطقة في التسعينيات.
وبدأت القوات الأذربيجانية تقترب من أطراف ستيباناكيرت، التي كان يعتبرها الانفصاليون الأرمن “عاصمة” منطقة ناغورني قره باغ.
وجاء في المرسوم الذي أصدره شهرمانيان من ستيباناكيرت أن على السكان أن “يتعرفوا على شروط إعادة الاندماج” التي طرحتها أذربيجان واتّخاذ “قرار فردي ومستقل” بشأن إن كانوا سيبقون.
وأعلن دميتري بيسكوف، الناطق باسم الكرملين، الخميس، أنه “أخذ علما” بحلّ السلطات الانفصالية نفسها في ناغورني قره باغ.
“تطهير عرقي”
الأحد، أعادت أذربيجان فتح الطريق الوحيد الرابط بين ناغورني قره باغ وأرمينيا، وهو ممر لاتشين الذي تحرسه قوات حفظ سلام روسية، بعد أربعة أيام على موافقة القوات الانفصالية الأرمينية على إلقاء سلاحها وتفكيك جيشها.
مذاك الحين، توافد عشرات الآلاف مع أغراضهم وسياراتهم باتجاه أرمينيا.
الخميس، قال باشينيان لأعضاء حكومته إن “تهجير الأرمن من ناغورني قره باغ متواصل”.
وأضاف: “يظهر تحليلنا بأنه لن يبقى هناك أرمن في ناغورني قره باغ. يشكّل ذلك تطهيرا عرقيا حذّرنا المجتمع الدولي منه منذ مدة طويلة”.
وقالت ناظلي باغداساريان، الناطقة باسم الحكومة الأرمينية، في بيان، إنه بحلول صباح الخميس، “عبر 65 ألفا و36 شخصا نزحوا قسرا الحدود إلى أرمينيا من ناغورني قره باغ”. ويقدّر بأن نحو 120 ألف أرمني كانوا يقطنون الإقليم قبل هجوم باكو.
وأشار الكرملين، الخميس، إلى أنه “لا يرى سببا” يدعو الأرمن إلى الفرار من المنطقة.
ومن الجانب الأرميني للحدود، تناقش مجموعة لاجئين المشكلة الأساسية التي يواجهها الأشخاص الذين سيقبلون بالعيش تحت السيطرة الأذربيجانية في ناغورني قره باغ.
وقال أحدهم، طالبا عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، “إذا كان لديكم ابن، سيتوجب عليه أن يخدم في الجيش الأذربيجاني ضدّ أرمينيا”.
وأضاف: “وحده الرجل المجنون سيقبل بذلك”.
وأعلن هذا الجيب ذو الغالبية الأرمينية الذي ألحقته السلطات السوفياتية بأذربيجان عام 1921، استقلاله من جانب واحد عام 1991.
وشهدت المنطقة حربين بين الجمهوريتين السوفياتيتين السابقتين أذربيجان وأرمينيا، الأولى من 1988 إلى 1994 (30 ألف قتيل) والأخرى في خريف 2020 (6 آلاف و500 قتيل).
وكانت أذربيجان قد وافقت على السماح للانفصاليين الذي يلقون أسلحتهم بالمغادرة إلى أرمينيا بموجب اتفاقية لوقف إطلاق النار تم التوصل إليها الأربعاء الماضي؛ غير أن مصدرا حكوميا أذربيجانيا قال لوكالة فرانس برس إن حرس الحدود يبحثون أيضا عن أشخاص متهمين بارتكاب “جرائم حرب” يتعين أن يمثلوا أمام المحاكمة.
وأمرت محكمة أذربيجانية، الخميس، بوضع الزعيم الانفصالي السابق روبن فاردانيان قيد الحبس الاحتياطي عقب اتهامه بتمويل الإرهاب وارتكاب جرائم أخرى.
وقضت محكمة في باكو باعتقال فاردانيان، رجل الأعمال الذي قاد الحكومة الانفصالية في الإقليم من نونبر 2022 لغاية فبراير هذا العام، ووضعه في الحبس الاحتياطي لأربعة أشهر، حسبما ذكر جهاز أمن الدولة في أذربيجان.
وتحمل الاتهامات عقوبة بالسجن قد تصل إلى 14 عاما، بحق فاردانيان المولود عام 1986.
ودعت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، الخميس، إلى احترام حقوق فاردانيان بعدما وضعته أذربيجان في الحبس الاحتياطي.
واتهم نيكول باشينيان، رئيس وزراء أرمينيا، الخميس، حرس الحدود الأذربيجاني بـ”تنفيذ اعتقالات غير قانونية” بحق أرمن يحاولون الفرار من ناغورني قره باغ.
المصدر: وكالات