أخرجت “جمعيات حماية المستهلك” اللجان التي أحدثها محمد صديقي، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، قبل رمضان، إلى النقاش، سواء “اللجنة المركزية” للسهر على تتبع تموين السوق بمنتجات الصيد البحري بكميات كافية وضمان المراقبة اليومية لأسعار الأسماك الطازجة على امتداد سلسلة القيمة، أو “اللجنة الوزارية” الدائمة المكلفة بتتبع الأسعار وعمليات مراقبة الأثمان والجودة وضمان التموين العادي للأسواق الوطنية في رمضان.
وتحرّكت التنظيمات سالفة الذكر بعدما شهدت أثمان اللحوم الحمراء “ارتفاعا صاروخيا” خلال عيد الفطر، كما اهتزّت أسعار الأسماك خلال شهر الصيام، متسائلة عن “مفعول هذه اللجان طيلة شهر يتميز بارتفاع الاستهلاك”، وكذلك “إمكانية رفع صلاحياتها لكي تصبح زياراتها للأسواق مكثفة ومصحوبة بجدول أعمال معروف يرفع حذر الباعة بشكل يخفف من حدة التلاعب بالأسعار والاحتكار، حتى لو كان الأمر صعبا من الناحية القانونية”.
“مهمة.. لكن محدودة”
أحمد بيوض، الرئيس المؤسس لجمعية “مع المستهلكين”، قال إنه “بحكم أن وزارة الفلاحة لها الصلاحية والإمكانات العلمية والبشرية يمكن اعتبار دور هذه اللجان ضروريا، ولو أنه محدود من ناحية عدم إمكانية مراقبة الأسعار التي هي محررة وفق القانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة”، معتبرا أن “ملاحظة الأثمان ممكنة، مع ضرورة إصدار دوريات رسمية تبين الارتفاعات لكي توضح السلطات الرسمية أن هناك خللا في الأسواق”.
وأضاف بيوض، في تصريحه لهسبريس، أن “السلطة لها صلاحية التدخل في عملية تحديد الأسعار بعد منح دعم عمومي يتبين لاحقا أن أثره غير موجود على سعر البيع النهائي، فمثلا هناك من حصل على دعم استيراد الأغنام لكن أسعار اللحوم الحمراء كانت ملتهبة السنة الماضية مع ذلك”، معولا على دور “هذه اللجان الدائمة في الانكباب على تتبع دقيق لمآل الدعم، مع تفعيل الضريبة على ثمن البيع النهائي حتى يكون ذلك رادعا، مع غرامة مالية للمهني المتلبس بهدر المال العام”.
واعتبر الفاعل في مجال حماية المستهلك أن “اللجان من الناحية المبدئية دورها أساسي طيلة السنة، لكن يجب أن تقدم حصيلة اشتغالها طيلة شهر رمضان، ومعرفة مفعولها الحقيقي على سلسلة القيمة، سواء بخصوص السّمك أو اللّحوم الحمراء، لأن الأسعار شهدت ارتفاعاً ملحوظاً بدون مبررات رسمية واضحة”، مسجلاً أن “جمعيات حماية المستهلك تنتظر توضيحات بهذا الصدد، حتى نضمن نوعا من الشفافية في هذا المجال”.
“تصور قوي”
بوجمعة موجي، نائب رئيس جمعية حماية المستهلك بالدار البيضاء، ربط أهمية اللجان المذكورة بـ”بتصور إحداثها، والغاية من خلقها، لأن الحلقة الأصل في كل هذا النقاش هو المستهلك المغربي الذي تضررت قدرته الشرائية، لكن مع الحرص على تماسك الاقتصاد الوطني وتأهيل الاقتصاد غير المهيكل لضمان عملية تبادلية أكثر نجاعة وصرامة من الجانب القانوني”، مسجلاً “ملحاحيّة اشتغال هذه اللجان على طول السنة بعد تبين أثرها خلال رمضان المنقضي”.
ودافع موجي عن “فكرة اللجان الدائمة باعتبارها تحمل رهانا وتصوراً قويا، يستعدي المزيد من الحذر من طرف المهنيين”، مؤكدا على “ضرورة أن تضع هذه اللجان مقارنات للأسعار، مع إبراز هل مبررات الزيادة موضوعية أم واهية، وهو ما سيحرجُ الباعة الذين يرفعون الأسعار بشكل غير أخلاقيّ”، وأضاف: “حتى لو كان من الصعب ضبط الأسعار فالتّدبير بهذه الطريقة على طول السنة يمكن أن يبرّد من لهيب الأسعار التي تقفز إليها اللحوم والأسماك”.
وقدم الناشط في مجال حماية المستهلك مثال “سوق رنجيس” الفرنسي، أحد أكبر أسواق المنتجات الطازجة في العالم، إن لم يكن أكبرها، مشدداً على “الطّريقة التي يتمّ بها تدبير هذه السوق، سواء من حيث التأهيل أو النّظافة أو التنظيم عالي الفعالية”، وأورد خاتماً: “يمكن أن ننطلق من هذه الفكرة، لأنها مهمّة ويمكن استثمارها، فالمراقبة عندنا موجودة بشكل دوري، لكن لجانا متخصصة من هذا القبيل دورها يعول عليه”.
المصدر: وكالات