ارتفعت أسعار البيض مجددا، لتبلغ في العديد من أحياء العاصمة الرباط “درهما و75 سنتيما” للبيضة الواحدة؛ بينما استقرت في مدينة الدار البيضاء عند “درهم و50 سنتيما” حسب المناطق، وتفيد المعطيات بأن الارتفاع شمل “البياضة” في سوق الجملة وأيضا المحلات التي تبيع للمواطنين بالتقسيط.
ويبدو أن “هذه الارتفاعات المتتالية، حيث إن الأسعار التي يسجلها البيض بالمغرب غير مسبوقة، تنذر بإنهاك متواصل للقدرة الشرائية للمستهلكين المغاربة”؛ وهو ما دفع بعض جمعيات حماية المستهلك إلى التعبير عن “قلقها جراء هذه الارتفاعات المتنامية التي لا مبرر لها، خصوصا على هامش المحاولات الجارية للتحكم في نسبة التضخم”.
أحمد بيوض، الرئيس المؤسس لجمعية “مع المستهلكين”، اعتبر أن “الوضع يبدو مقلقا؛ فالمغرب، الذي كان ينتج سابقا نحو 7 مليارات بيضة سنويا وكان هناك اكتفاء ذاتي إضافة إلى التصدير، صار يشهد ارتفاعا متناميا في الأسعار بشكل لم نسجله في المغرب من قبل”، مضيفا أن “هامش الربح لم يكن على ما يبدو كافيا بالنسبة للمداجن؛ فنقص إنتاج البيض، وارتفع الثمن”.
وأضاف بيوض، في تصريحه لجريدة هسبريس، أن “المهنيين يقولون إن ارتفاع أسعار المواد الإنتاجية والنقل يساهمان في تحديد السعر النهائي؛ وهو ما يبين أن هذا الوضع لا يزال مطية لتبرير الزيادة”، مشيرا إلى أنه “يجب أن تكون هناك لجنة متخصصة لمعرفة تأثير هذه المواد الأولية على الإنتاج وعلى السعر النهائي”.
وأورد المتحدث ذاته أن “الأسعار محررة؛ وحتى لو ازداد الارتفاع ليس هناك من يستطيع أن يسأل عن سبب الزيادة، لكون التحرير منح الصلاحية للمهنيين في تحديد الأسعار”، موضحا أن “المستهلك هو الذي يعاني جراء هذه الزيادات، ولا يمكن أن يكون التصدير سببا في هذا الارتفاع؛ فالأولويّة للسوق الوطنية وضمان المنتوجات الأساسية بأسعار معقولة تحترم القدرة الشرائية للمستهلك المغربي”.
من جانبه، أكد طارق البختي، رئيس المنتدى المغربي للمستهلك، أن “هذا الوضع مقلق لكونه سيؤدي إلى ارتفاع العديد من المواد الغذائية الأخرى التي يدخل البيض في تكوينها، والعديد من الداخليات المدرسية تقدم البيض ضمن وجباتها”، لافتا الانتباه إلى أن “هذه الزيادة مفاجئة وغير متوقعة، لأنها لو حصلت في فصل الشتاء لكانت مفهومة؛ بالنظر إلى الخسائر التي يجنيها المهنيون بفعل موت الدواجن”.
وسجل البختي، في تصريح لهسبريس، أن “هناك فجوة بين العرض والطلب، خصوصا بعد أن كانت المساعدات المتوجهة إلى المناطق المتضررة من الزلزال تضع البيض ضمن التبرعات الغذائية”، معتبرا أن “هذا خلق نقصا في العرض، إضافة إلى مشكل المضاربة والاحتكار والتصدير نحو أوروبا وإفريقيا، وما لكل ذلك من أثر على السعر”؛ وزاد: “يجب أن يكون هناك حل لهذا الوضع الذي يضر بجيوب المواطنين المغاربة”.
من جانبهم، شدد المهنيون في قطاع البيض على أن “الأسباب الكامنة وراء هذه الارتفاعات تعود أساسا إلى غلاء الأعلاف والمواد الأولية، خصوصا أنهم يقتنون هذه المواد بأثمنة متضمنة للضريبة على القيمة المضافة”، وفق ما بيّنه هشام الدردالي، المهني في القطاع، الذي أضاف: “المهنيون على دراية أن هناك ارتفاعا في الأثمنة بشكل لم يألفه المغاربة؛ لكن الإشكال في كلفة الأعلاف وفي النقل من الضيعة إلى البياضة ثم نحو محلات التقسيط”.
وأفاد الدردالي، في تصريح لهسبريس، بأن “هناك تراجعا حقيقيا في سيرورة الإنتاج، والعديد من المداجن أغلقت بسبب هذا الوضع بعدما تكبدت خسائر جد كبيرة”، داعيا “الحكومة إلى القيام بذات الإجراءات فيما يخص اللحوم الحمراء وإعفاء المنتوجات الموجهة لإنتاج البيض من الضريبة على القيمة المضافة، لأجل تشجيع المهنيين والتجار على تقديم هذه المادة الأساسية للمغاربة بأثمنة معقولة”.
واعتبر المهني ذاته أن “الأسعار رغم أننا جميعا على اطّلاع بارتفاعها، فهي بخير مقارنة مع دول أخرى قريبة منا، تبعا للجهود التي لا يزال يبذلها المنتجون لتزويد السوق الوطنية”، مشيرا إلى أن “البقال يحاول أن يضمن هامشا للربح؛ فالثمن في الضيعة يبلغ درهما و32 سنتيما وفي ضيعات أخرى أكثر، وإعادة الأسعار إلى سابق عهدها تستدعي تدخلا مشتركا، لأن المهنيين يحاولون من جهتهم لكن التضخم وهذه الأزمة الاقتصادية من الأسباب التي تعيق هذه المحاولات”.
المصدر: وكالات