أعادت قضية اعتداء ثلاثيني من ذوي السوابق القضائية على مواطنين أجانب بكورنيش أكادير بواسطة السلاح الأبيض مطالب تشديد العقوبات على المدانين بحيازة الأسلحة البيضاء واستعمالها لتهديد الأمن العام وسلامة الأشخاص خاصة في حالات العود، مع اعتماد مقاربات تربوية وإصلاحية تضمن اندماج الشخص المُدان في وسطه المجتمعي وتتلافى عودته إلى داخل أسوار السجون.
حالات شاذة وعقوبات غليظة
في هذا الإطار، قال الحسين بكار السباعي، محام وحقوقي، إن “انتشار ظاهرة حمل السلاح الأبيض معلوم أنها أصبحت أمرا بارزا للعيان”، مشددا في الوقت ذاته على أن “ارتكاب الجرائم ضد السياح أو المواطنين الأجانب واستهدافهم بالأسلحة البيضاء لا يمكن اعتباره ظاهرة بالمعنى الحقيقي؛ بل مجرد حالات معزولة”.
وأوضح السباعي أن “المشرع المغربي تعامل مع جريمة حمل السلاح بدون ترخيص بقدر كبير من الحساسية والتشدد، خاصة في الفصول 303 و 400 من مجموعة القانون الجنائي عبر سنه لعدد من العقوبات الحبسية النافذة والغرامات المالية. وهذا يخص فقط حمل السلاح فما بالك بارتكاب جريمة كجريمة الاعتداء على الأشخاص باستعماله، والتي تدخل في جرائم الإيذاء العمدي وتختلف العقوبة فيها باختلاف النتيجة الإجرامية، التي تحدد الوصف الجنائي للجريمة، لتُكيف على أساسها كونها جنحة أم جناية”.
واعتبر المتحدث ذاته أن “العقوبات التي قررها المُشرع الجنائي لمواجهة هذا النوع من الجرائم وخاصة حمل السلاح الأبيض والاعتداء به، إن على أشخاص أجانب أو مغاربة، هي عقوبات غليظة وتحقق مواجهة تشريعية زجرية رادعة لهذا النوع من الجرائم”، مشددا على أن “حالات الاعتداء على الأجانب في المغرب لا تعدو أن تكون مجرد حالات شاذة يمارسها مختلون عقليا وذوو سوابق قضائية والذي يوجدون في حالة تشرد، أضف إلى ذلك تعاطيهم للمخدرات والكحول والموجودين في حالة نفسية حادة”.
في السياق نفسه، لفت المصرح لهسبريس إلى أن “المديرية العامة للأمن الوطني خصصت فرقا متخصصة لتأمين المنشآت والأماكن التي يرتادها السياح ومنها الشرطة السياحية، حيث إن ولاية أمن أكادير على سبيل المثال تتوفر على عناصر كفؤة ومدربة تدريبا عاليا ومعدات لوجستيكية تكفي للمراقبة المستمرة وضبط المشتبه فيهم وكذا محاربة ظاهرة التسول وضبط حالات التشرد والمختلين العقليين بالمجالات السياحية؛ غير أنه تظهر من وقت إلى آخر بعض الحالات المنفردة”.
وخلص المحامي ذاته إلى “ضرورة تشديد المراقبة الأمنية في هذه المنطقة السياحية والعمل على تثبيت كاميرات مراقبة عالية الجودة وربطها بقاعات مراقبة وتأهب لرصد كل المشتبه فيهم وضبط حالات التسول واستغلال الأطفال التي أصبحت تنتشر بشكل كبير. وهنا، ترجع المسؤولية إلى المصالح الولائية وإلى السلطة المحلية، مع ضرورة إحالة الحالات المذكورة على مركز الإيواء”.
جانب وقائي ومقاربات متعددة
أحمد مزهار، فاعل جمعوي، أورد، في تصريح لهسبريس، أن “ظاهرة الاعتداء بواسطة السلاح الأبيض أصبحت منتشرة وتوثق على مواقع التواصل الاجتماعي ولم تعد مرتبطة بجريمة السرقة فقط؛ بل أضحت مرتبطة أيضا بالاعتداء على الأشخاص لأسباب وأخرى ومرتبطة أيضا بالاعتداء على رجال ونساء الشرطة لدى محاولة تدخلهم لإيقاف الجانحين”.
وأوضح المتحدث ذاته أن “الحد من هذه الظاهرة يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الجانب الوقائي بالدرجة الأولى؛ فصحيح أن التدخل الآني والعاجل يقتضي تشديد العقوبات على هذه الجرائم، خاصة في حالات العود وعدم تمتيع المدانين بظروف التخفيف في إطار المراجعة التي سيعرفها القانون الجنائي المغربي لتحقيق الردع، إلا أن هذه الظاهرة تبقى ظاهرة مركبة ومتعددة الأبعاد مرتبطة بما هو اجتماعي وتربوي وغيرها”، مشيرا إلى “ضرورة محاربة ترويج المخدرات بأنواعها المختلفة لكون هذه الجرائم غالبا ما تكون مقترنة بتعاطي الممنوعات”.
ولفت الفاعل المدني ذاته إلى ضرورة “تعدد المقاربات في تطويق هذه الظاهرة التي تهدد السلم داخل المجتمع المغربي وتنشر الرعب في بعض المناطق وتؤثر كذلك على سمعة البلد، خاصة أننا مقبلون على تنظيم تظاهرات عالمية وازنة؛ وبالتالي وجب تعزيز الحضور الأمني في المناطق التي تشهد هذه الجرائم وتفعيل آليات التدخل السريع دون إغفال المقاربة التربوية والاجتماعية والقيمية باعتبارها هي الأخرى من المداخل المهمة لمحاصرة هذه الظاهرة”، مشددا على دور المجتمع المدني هو الآخر في معالجة هذه الظواهر من خلال التنشئة الاجتماعية والتربية على القيم.
المصدر: وكالات