بعث حزب جبهة القوى الديمقراطية رسائل إلى عدد من الأحزاب والتجمعات السياسية الفرنسية، من أجل تحسيسها بـ”أهمية العمل من أجل إعادة تقييم السياسة الحالية لرئاسة الجمهورية الفرنسية، بهدف بناء علاقات أكثر توازنا بين المغرب وفرنسا”.
وأوضح الحزب أن “تدهور العلاقات المغربية الفرنسية بات يؤرق الطبقة السياسية في البلدين معا”، مضيفا أنه “بعد السجال الذي أثارته قضية التجسس المزعوم باستعمال برنامج ‘بيغاسوس’، وتوصية البرلمان الأوروبي بخصوص وضعية حرية الصحافة في المغرب، جاء دور الزلزال الذي ضرب المغرب بعنف في مناطق عديدة، ليكشف عمق الأزمة غير المسبوقة، الذي بلغته هذه العلاقات بفعل تضافر عوامل سياسية واقتصادية متعددة”.
وفي هذا السياق، أكد حزب جبهة القوى الديمقراطية، الذي يتزعمه المصطفى بنعلي، أنه “عمل على تعميم رسالة، بحر الأسبوع المنصرم، على الأحزاب والتجمعات السياسية الفرنسية، بهدف دعوتها إلى تشجيع إعادة تقييم السياسة الحالية لرئاسة الجمهورية الفرنسية، والسعي إلى بناء علاقات أكثر توازنا بين البلدين، بما يحقق الاستقرار والسلام في المنطقة ويساهم في مواجهة التحديات العالمية بفعالية”.
وقال حزب جبهة القوى الديمقراطية، في رسالة تتوفر هسبريس على نسخة منها، إن “مخاوفنا بشأن مستقبل العلاقات المغربية الفرنسية تزداد اليوم أكثر من أي وقت مضى، بعد ما لاحظناه من ارتدادات سياسية عنيفة للزلزال الذي ضرب المغرب على واقع هذه العلاقات الباردة أصلا؛ وذلك نتيجة الاختيارات غير الموفقة التي قام بها الرئيس ماكرون، وبلغت حدا غير مسبوق، في تجاوزها لحدود الأعراف والحكمة الدبلوماسية، وفي مسها بالشعور الوطني الراسخ في قلب كل مغربي، حين قام بتوجيه رسالة مصورة مباشرة إلى الشعب المغربي”.
وشدد الحزب على أن “العلاقات التي تربط بين المغرب وفرنسا لها تاريخ طويل من التعاون والصداقة، وهي تقوم على الاحترام المتبادل والتفاهم والمصالح المشتركة. وعلى مر العقود ساهمت هذه العلاقات، بخصوصيتها وبعمق تشابكها، في تحقيق التقدم والازدهار في شمال إفريقيا وأوروبا”.
وأضاف حزب جبهة القوى الديمقراطية: “إننا نشعر، اليوم، بقلق بالغ إزاء تبعات سياسة الرئيس ماكرون التي تغذي تناقضات وتعقيدات المنطقة المغاربية، من أجل استدامة النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية واستمرار التوتر والصراع بين المغرب والجزائر، بما يحول دون تحولهما إلى قاطرة للتنمية في المنطقة، مثلما فعلت فرنسا وألمانيا لفائدة أوروبا”.
وأكد الحزب، بالمناسبة، أنه “لا يذخر جهدا من أجل تحسين العلاقات المغربية الجزائرية، انطلاقا من استحضار الكفاح المشترك للشعبين الشقيقين ضد الاستعمار، ومن التأكيد على مختلف الروابط الإنسانية والتاريخية والجغرافية التي تجمع بين البلدين”، موضحا أنه “حين ننتقد النظام الجزائري، فإنما نفعل ذلك متى قام بالتدخل في شؤون المغرب الداخلية، أو عمل على المس بقضايانا ومصالحنا الوطنية الحيوية”.
وكان حزب جبهة القوى الديمقراطية قد استهل هذه الرسالة، المحررة باللغتين العربية والفرنسية تجسيدا للطابع السيادي في إبراز الأهمية الفائقة التي يوليها للعلاقات المغربية الفرنسية، بـ”توضيح دواعيها الكامنة في الرغبة في مشاركة الأحزاب الفرنسية الهواجس القائمة بشأن التحديات التي يواجهها التطور السليم لهذه العلاقات، في ضوء السياسة المتبعة من قبل رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون”.
وأوضح الحزب في الرسالة ذاتها أن “ما صدر من الرئيس ماكرون بمناسبة الزلزال الذي ضرب المغرب لا يمكن أن يفهم إلا في سياق هذه المرحلة الصعبة من تاريخ العلاقات بين البلدين، حيث ما زالت فرنسا تماطل في الاعتراف بمغربية الصحراء رغم أن الملك محمدا السادس كان واضحا ومباشرا في خطابه بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، حين أكد أن ملف الصحراء هو النظّارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وعلى أنه هو المعيار الواضح لقياس صدق الصداقات ونجاعة الشراكات”.
وجاء في الرسالة أيضا: “إننا ونحن نقدر لفرنسا ما قامت به في العديد من محطات النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية، بتأثيراته على الأمن والاستقرار في المنطقة، نعتقد أن عليها اليوم إنهاء سياسة اللعب على الحبلين؛ لأن الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء خطوة ضرورية لتعضيد الجهود الرامية إلى تحقيق تسوية سياسية لهذا النزاع ذي الطبيعة السيادية الذي دام أكثر من اللازم”.
وختم الحزب رسالته بدعوة الأحزاب الفرنسية إلى “النظر في أهمية اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء، نظرا للتغيرات السريعة في المشهد الدولي وتزايد الدعم الدولي لمغربية الصحراء”، مؤكدا أن “المزيد من التأخير في قيام فرنسا بالخطوة الصحيحة في هذا السياق لا يخدم تعزيز مكانة فرنسا في المنتظم الدولي”، معتبرا أن “هذه الخطوة لن تكون إعلانا عن الواقع فحسب؛ بل ستعزز أيضا العلاقات بين الجمهورية الفرنسية والمملكة المغربية، وستسهم في تعزيز التعاون والشراكة بين البلدين في مجموعة متنوعة من المجالات”.
المصدر: وكالات