ودَّع المنتخب الوطني المغربي الأول لكرة القدم، النسخة 34 من نهائيات كأس أمم إفريقيا التي تحتضنها كوت ديفوار من الباب الخلفي، بعد الهزيمة القاسية أمام جنوب إفريقيا بهدفين دون مقابل مساء الثلاثاء، ضمن دور ثمن النهائي، لتتبخر الأحلام المغربية في التتويج بلقب غاب عن خزائننا منذ سنة 1976، وتتواصل عقدة “أسود الأطلس” من الكأس الإفريقية.
ولم يكن أكبر المتشائمين يتوقع توقف قطار المنتخب الوطني عند محطة دور الثمن، لتنتهي الرحلة قبل أن تبدأ بأراضي “الفيلة”، في وقت كان الشعب المغربي يتمناها سعيدة خاصة بعدما ارتفع منسوب الثقة في الناخب الوطني وليد الركراكي ورفاق الغائب حكيم زياش بعد الإنجاز التاريخي بـ”مونديال” قطر الذي لم نستطع نسيانه قبل صدمة “البافانا بافانا”.
ثلاثة عوامل رئيسية كانت سببا مباشرا في هذا الإقصاء المر للمنتخب الوطني المغربي من “كان” كوت ديفوار، ليواصل “الأسود” العزف على وتر الإخفاق في كأس إفريقيا بقارة ننتمي إليها وتنتمي إلينا، ولم نحسن التعامل مع تضاريسها ومناخها كرويًا.
اختيارات الركراكي لم يفهمها سوى بنمحمود
اتفق الطاقم التقني للمنتخب الوطني بقيادة وليد الركراكي على اختيارات غير مفهومة، بعدما قرر الدفع بالمدافع الأيمن نصير مزاروي في الرواق الأيسر عوض يحيى عطية الله الأكثر جاهزية، ضاربا بالأعراف الكروية والقواعد العلمية عرض الحائط، بحكم أن لاعب بايرن ميونيخ الألماني يفتقد الجاهزية اللازمة بعدما غاب طويلا عن المنافسة، ليجد نفسه أساسيا في مباراة مصيرية وهو القادم إلى كوت ديفوار بإصابة من ألمانيا.
نصير مزاروي لم يقدم أي شيء يذكر هجوميا ودفاعيا في واحدة من أسوأ مبارياته مع المنتخب الوطني، ليتأخر الركراكي كثيرا في إصلاح الخطأ بعدما انتظر الدقيقة 75 لإدخال يحيى عطية الله مكان مدافع بايرن ميونيخ.
غياب التنويع والاعتماد على أسلوب مكشوف
لا يختلف اثنان على اعتماد الناخب الوطني على الجهة اليمنى في التنشيط الهجومي خلال جميع مباريات “الأسود” في “كان” كوت ديفوار، وكأن لا خيرات لدى المدرب لتنويع اللعب، ما جعل أوراق الركراكي مكشوفة للعجوز هوغو بروس، مدرب جنوب إفريقيا، الذي أكد في الندوة الصحفية عقب المواجهة أنه نجح في دراسة الخصم جيدًا.
الركراكي ظل وفيا لنهجه الهجومي حتى في غياب حكيم زياش، كما وضع جميع تغييراته في خانة “مركز بمركز”، قبل أن يجد نفسه مضطرا لتغيير نظام اللعب بعدما اهتزت شباك ياسين بونو بهدف أول يُدرس من منتخب جنوب إفريقيا، وقتها تقدم “الأولاد الأولاد” وتفوق بروس على الركراكي.
تواضع مستوى اللاعبين
عندما يخطئ المدرب في خياراته البشرية والتقنية، قد يُنقذه الأداء الرجولي للاعبيه وقتاليتهم في أرض الملعب إن حضرت، وهو ما افتقده وليد الركراكي الذي دخل مواجهة جنوب إفريقيا بقراءة خاطئة قابلها أداء متواضع لجل اللاعبين، فكانت النتيجة بعنوان: الطريق مفتوح إلى شباك بونو.
عدد من لاعبي المنتخب الوطني المغربي عزفوا على وتر التواضع بداية من العميد رومان سايس، ونصير مزراوي في خط الدفاع، قابله مستوى جيد من نايف أكرد وأشرف حكيمي رغم إهدار الأخير لركلة جزاء، مرورا بخط الوسط الذي تواجد فيه دفاعيا كل من سفيان أمرابط وسليم أملاح دون أن يتركا بصمة تُذكر، تاركين عز الدين أوناحي يُشاغب بين الفينة والأخرى هجوميًا.
فيما غابت الحلول من الذين استبشر بهم الجمهور المغربي خيرا، فلا أمين عدلي القادم من باير ليفركوزن وجد الحلول، ولا مهاجم ريال بيتيس عبد الصمد الزلزولي كان في الموعد، ومعهم الحاضر الغائب في مواجهة جنوب إفريقيا يوسف النصيري، ما جعل المنتخب الوطني يخوض لقاء “البافانا بافانا” مكتوف الأيدي.
البدلاء وكأنهم اتفقوا على شيء واحد منذ أول مباراة في “كان” كوت ديفوار، نزول لأرضية الملعب يليه تواضع في المستوى دون تقديم أي إضافة إلى غاية صافرة قاضي المباراة منهيا المعركة الكروية، وكأن الركراكي أنهى المواجهة بمن بدأها من اللاعبين بعدما تغيرت الأسماء دون أن يختلف الأداء، كل هذا وأكثر أسهم فيه عيش على أطلال إنجاز “مونديالي” تحقق قبل أزيد من عام.
المصدر: وكالات